أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه ما سميته؟ قال: سميته (( محمدا ) ). قالوا: فما رغبت به عن أسماء أهل البيت؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء، وأن يحمده خلقه في الأرض )) . اهـ.
(قلت) : هذا الكلام ثبت، ومدلوله صدق وبه أقول: فإذا كان أبو طالب قد جمع أيان أهل مكة، وأطعم المساكين، والفقراء ابتهاجا بميلاد خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام، أفلا نكون نحن المسلمين، واتباع سيد المرسلين أولى بالابتهاج، والفرح، والسرور بميلاده عليه الصلاة والسلام من أبي طالب وأمثاله من المكيين الجاهليين؟ نعم هذا ما يجب أن نحتفل به في كل عام وتزين به مجالسنا بالذكر والقرآن والصلاة عليه عليه الصلاة والسلام وهذا ما قام إجماع المسلمين عليه منذ الدولة الفاطمية إذ لمس العز لدين الله بمصر إذ ذاك الحب الكامن في النفوس لرسول الرحمة، والإنسانية حبيب الله محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فقام لأول مرة في التاريخ الإسلامي بالاحتفال رسميا بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم، وأصبح من ذلك اليوم سنة متبعة يحتفل بمولده المسلمون عاما بعد عام، وكان لكل بلد له أفراحه وزينته الخاصة به، ففي مصر، على زمن السلطان سليم الأول، كانت تقام الاحتفالات النبوية في السرادق المتسعة الجوانب، وتوضع فيها الكراسي الذهبية لرجال الصف الأول من الحكام، والرؤساء، والكراسي الموشاة بالفضة لمن يليهم من صدور الأعيان، والعلماء، ووجهاء القوم، والكراسي الأخرى التي قد كساها الديباج الوثير، فأضحت رمزا للبهجة، والسرور، وإظهارا للتقدم، والترف الحضاري الجميل، وكان ينصب مثل هذا الايوان عادة في الليلة الأولى من ليالي ربيع الأول، وقد وصفه بعض الرحالة فقال: إنه يشبه مدينة كبيرة ذات شوارع وميادين.
ونقل الرواة أن الملك المظفر صاحب إربل كان يستعد للاحتفال بالمولد ابتداء من المحرم، فيدعوا الصناع إلى إقامة ميدان فاخر للاحتفال.