تحدثت آمنة بنت وهب عن نفسها، فقالت: (( علقت به فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما لين المشرق والمغرب، ثم وقع على الأرض معتمدا على يديه، رافعا رأسه إلى السماء ) ).
وتقول زوجة أبي العاص ممن خضرن ولادة آمنة: (( لقد شهدت ولاده آمنة بنت وهب، ليلة ولدت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فما شيء أنظره في البيت إلا نور، ولقد رأيت النجوم تدنو ثم تدنو، حتى لقد خشيت أن يقعن علي ) ).
وهكذا يرى الله تعالى زوجة أبي العاص ذلك الاحتفال السماوي العظيم بميلاد سيد الأنبياء والمرسلين، إن ما حسبته نجوما تدنو منها ما هم إلا ملائكة كرام، حضروا مولد خير الأنام، كما جاء في بعض الروايات، لما له صلى الله عليه وسلم عند ربه من الكرامات، فقد حدث الرسول عليه الصلاة والسلام عن نفسه فقال:
(( من كرامتي على الله أني ولدت مختونا، ولم ير سوأتي أحد ) ).
وأرسلت آمنة جاريتها إلى عبد المطلب، تخبره بأن قد ولد له غلام، فجاء مسرعا ينظر، فلما جاء، حدثنه آمنة بما كانت ترى منذ حملت به، وما قيل لها فيه، وما أمرت أن تسميه.
ففرح به عبد المطلب فرحا شديدا، ونظر إليه فأعجبه، ونزل من نفسه منزلة عظيمة، فجعل يقول: (( ليكونن لابني هذا شأن ) )... ! ثم حمله بين يديه، وانطلق إلى الكعبة، فقام يدعو ويشكر الله - عز وجل - ويقول:
الحمد لله الذي أعطاني…هذا الغلام الطيب الأردان
أعيذه بالبيت ذي الأركان…حتى أراه بالغ البنيان
فلما كان اليوم السابع، وهو يوم العقيقة عند العرب ذبح عنه جزورا - جملا - وأطعم المساكين، والفقراء، ودعا رجالا من قريش فحضروا، وطعموا، وهنأوا بالطفل السعيد، وتمنوا له رفعة الشأن وبركة العمر، فلما أكلوا قالوا: يا عبد المطلب: