فيه بأذان، وإقامة، وكذلك الأنبياء )) أي أحياء في قبورهم يصلون، روى أبو يعلى، والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ) ). حديث صحيح.
وروى سعيد بن المسيب [أيام الحرة] قال: (( وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري، وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت الأذان من القبر ) )أخرج هذا أبو نعيم في دلائل النبوة.
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن سعيد بن المسيب قال: (( لم أزل أسمع الآذان، والإقامة في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الحرة حتى عاد الناس ) ).
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سعيد بن المسيب أنه كان يلازم المسجد أيام الحرة، والناس يقتتلون قال: فكنت إذا حانت الصلاة أسمع أذانا يخرج من قبل القبر الشريف )) .
وأخرج الدارمي في سنده قال: أنبأنا مروان بن محمد، عن سعيد بن عبد العزير قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا، ولم يقم، ولم يبرح سعيد بن المسيب المسجد، وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم )) .
(قلت) : وبذا تكون هذه الأخبار دالة على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء في قبورهم حياة كاملة الوعي، والحس، والادراك، وليست كحياة الشهداء، بل حياة الأنبياء آكد وأجل وأعظم لأنه لم يرد خبر صحيح ولا ضعيف أن الشهداء يصلون في قبورهم، لذا كان مقارنة الأنبياء بحياة الشهداء، وحملها عليهم غلط عظيم، كما لم يرد خبر أن الشهداء يستغفرون للمذنبين، وهذا مما يدل على أن حياة الأنبياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا قبل وفاتهم، وإنما هي حياة برزخية كاملة، شعر بذلك الناس، أو لم يشعروا فهم مغيبون عنا كالملائكة، والروح أحياء في قبورهم كالملائكة الأبرام، لذا حرم الله على الأرض أن تأكل