فهرس الكتاب
الصفحة 170 من 332

وقيل لابن الزغواني [يعني علي بن عبيد الله بن نصر الزغواني الحنبلي] هل تجددت له صفة لم تكن بعد خلق العرش؟ قال: لا. إنما خلق العالم بصفة التحت، فصار العالم بالإضافة إليه أسفل، فإذا ثبت لإحدى الذاتين صفة التحت ثبت للآخر استحقاق صفة الفوق )) قال: وقد ثبت أن الأماكن ليست في ذاته، ولا ذاته لفها فثبت انفصاله عنها، ولا بد من بدء يحصل به الفصل، فلما قال: (( استوى ) )اختصاصه بتلك الجهة. قال: (( ولا بد أن يكون لذاته نهاية وغاية يعلمها ) ).

قال ابن الجوزي: قلت: هذا رجل لا يدري ما يقول لأنه إذا قدر غاية وفصلا بني الخالق والمخلوق، فقد حدده وأقر بأنه جسم، وهو يقول إنه ليس بجوهر، لأن الجوهر ما يتحيز، ثم يثبت له مكانا يتحيز فيه، وهذا الكلام جهل من قائله، وتشبيه مخض، فما عرف هذا ما يجب للخالق تعالى، وما يستحيل عليه، فإن وجوده تعالى ليس كوجود الجواهر، ولأجسام التي لا بد لها من حيز والتحت والفوق إنما يكون فيما يقابل ويحاذي، ومن ضرورة المحاذي أن يكون أكبر من المحاذي أو أصغر أو مثله، وإن هذا إنما يكون في الأجسام، وكل ما يحاذي الأجسام يجوز أن يمسها، وما جاز عليه مماسة الأجسام ومباينته فهو حادث ... والحق سبحانه وتعالى لا يوصف بالتحيز لأنه لو كان متحيزا لم يخل، إما أن يكون ساكنا في حيزه، أو متحركا عنه، ولا يجوز أن يوصف بحركة ولا سكون، ولا اجتماع ولا افتراق، (ومتى جاور أو باين فقد تناهى ذاته) والتناهي إذا اختص بمقدار استدعى مخصصا )) اهـ.

ثم قال ابن الجوزي: (( وكذا ينبغي أن يقال ليس بداخل في العالم ولا يخارج منه، لأن الدخول والخروج من لوازم المتحيزات فهما كالحركة والسكون، وسائر الأعراض التي تحس بالأجرام.

وأما قولهم (( خلق الأماكن لا في ذاته ) )فثبت انفصاله عنها )) (قلنا) ذاته المقدسة لا تقبل أن يخلق فيها شيء، ولا أن يحل فيها شيء، وقد حملهم الحس على التشبيه، والتخليط حتى قال بعضهم: إنما ذكر الاستواء على العرش لأنه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام