2 -وكيف يكون الله في السماء في آي واحد، ويكون في قلبه أوجه جميع المصلين في كل مكان، كما جاء في صحيح البخاري قوله عليه الصلاة والسلام:
(( إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصقن قبل وجه، فإن الله قبل وجهه إذا صلى ) ).
وقد تقدم إجماع المسلمين على كفر من قال بالجهة-والعياذ بالله-وقوله أبي حنيفة أن من قال لا أدري الله في السماء، أم في الأرض كفر، كلامه هذا يوهم الجهة.
وكيف يسوغ لنا أن نحمل لفظ الأيدي على حقيقتها ونقول بلا تكييف من باب التستر، في القرآن ما يوجب علينا صرف ذلك الظاهر إلى معنى القوة والقدرة كما قال بذلك حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه قال تعالى:
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} [ص: 17] .أي ذا القوة.
وقد يكون معنى الأيدي: الملك والقدرة كما في قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 73] .
وقد يكون بمعنى النعمة كما قالت العرب كم يد لي عند فلان، أي كم من نعمة لي قد أسديتها إليه.
وقد يكون بمعنى الصلة كما في قوله تعالى:
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] .أي نحن.
قال البيهقي: وأما قوله عز وجل:
{يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] .
فلا يجوز؟ أن يحمل على الجارحة لأن الباري جل جلاله واحد لا يجوز عليه التبعيض، ولا على القوة، والملك، والنعمة، والصلة لأن الاشتراك يقع حينئذ بين