هذا وكلي ثقة أن كل من يقرأ تلك الكتب، ويطلع على ما فيها من أحاديث التجسيم، فإن كان من أهل السنة والجماعة سيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسأل الله الثبات على كلمة التوحيد التي في قوله تعالى:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) } [الإخلاص: 1 - 4] وقوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] .
يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لأنه سمع أقوال السلف الصالح، وعلى الأخص أئمة الدين الأربعة: أبي حنيفة القائل في وصف الله تعالى في كتاب الوصية كما تقدم (ص 10) (( ونقر بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة، واستقرار عليه، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج، فول كان محتاجا لما قدر خلق العرش أين كان، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) ). اهـ. أنصدق بعد هذا بمن يدعو للسلفية، ويلفق أقوال الأئمة ليظهر الله جلت قدرته، بمظهر التجسيم والاحتياج للأدوات واللهوات. أثبت لنا هذا الإمام أن الله منزه عن الجلوس والقرار، والمكان والزمان وهو من أعلام السلفية الكرام، والمولود رضي الله عنه في العالم الثمانين من الجرة، والمتوفي في سنة مائة وخسين من الهجرة رحمة الله عليه حتى قيام الساعة، وفي الآخرة.
وها هو وصف الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ قال كما ف (الفقه الأكبر ص 17) (( واعلموا أن الباري لا مكان له، والدليل عليه هو أن الله تعالى كان ولا مكان، فخلق المكان، وهو على صفته الأزلية كما كان، قبل خلق المكان، لا يجوز عليه التغير في ذاتهن والتبديل في صفاته، ولأن ما له مكان، وله تحت يكون متناهي الذات محدودا، والمحدود مخلوق، تعالى الله عن ذلك، ولهذا المعنى استحال عليه الزوجة، والولد في حقه تعالى حال. (( فإن قيل ) )قال الله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] .
يقال له: إن هذه الآية من المتشابه التي يحار في الجواب عنها، وعن أمثالها لمن يريد التبحر في العلم، أن يمر بها كما جاءت، ولا يبحث عنها، ولا يتكلم فيها لأنه