فهرس الكتاب
الصفحة 55 من 332

وقال الامام أبو جعفر الطحاوي: في كتابه"اعتقادُ أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، تعالى اللَّه عن الحدود والأركان، والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الستّ كسائر المبدعات"أهـ.

وقد جزم النووي في صفة الصلاة من شرح المهذب بتكفير المجسّمة، وهو مذهب الشافعي رضي اللَّه عنه.

وأمّا ردّ الإِمام أحمد على المجسمة فمنقول في"مرهم العلل المعضلة"لليافعي بتوسع، و"دفع شبه التشبيه لابن الجوزي"فارجع إِليها إِن شئت. بل وإِنّ ابن حزم الظاهريّ من أقسى أهل العلم على المجسمة كما في كتابه"الفصل".

(قلتُ) وقد وجدتُ في هذه الآية الدليل القاطع، والحكم المانع، من صفات الحدوث للملك القُدوس، وهي قوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ} . تُفيد أن جميع الأمكنة، وما فيها من المخلوقات، وما يكرّ عليها من الأزمنة ملْك لله تعالى، وهذا المُلْكُ يدل على تنزيهه تعالى عن (المكان والزمان) ، لأنّه قبل خلقهما لم يزل كما كان، وإِلاّ لزم خلقهما لغاية، وقد أخبر أنه غنيٌّ عن العالمين، فينتج استحالةُ الجهة والمكان على اللَّه تعالى وهذا الذي ذكرتُه هو الذي جعلني موقناً بصحة قول ما قررّه علماء الشريعة الإسلامية"يجبُ في حقّه تعالى القيامُ بنفسه"وقد صح الحديث الذي رواه البخاري في أهل اليمن قولُهم"جئنا لنتفقّه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر"أي ابتداء خلق العالم"ما كان؟ قال:"كان اللَّه"أي في الأزل منفرداً متوحداً"ولم يكن شيءٌ قبله، وكان عرشه على الماءِ، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكرِ"أي اللّوح المحفوظ"كُلّ شيءٍ"وفي هذا المعنى قوله تعالى:"

هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ .... الآية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام