في أحد قوليه وأحمد، ولم يجب عند ابي حنفية لأنه لا يجب عنده الوفاء بالنذر إلا ما كان من جنسه واجب.
(وأما الجهور) فيوجبون الوفاء بكل طاعة كما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ) ).
والسفر إلى المسجدين طاعة فلهذا وجب الوفاء به، وأما السفر إلى بقعة غير الثلاثة، فلم يوجب أحد من العلماء السفر إليه إذا نذره حتى نص العلماء أنه لا يسافر إلى مسجد قباء لأنه ليس من الثلاثة مع أن مسجد قباء يستحب زيارته لمن كان في المدينة، لأن ذلك ليس بشد رحل كما في الحديث الصحيح:
(( من تظهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة في كان كعمرة ) )
قالوا: ولأن السفر إلى زيارة قبور الأنبياء، والصالحين بدعة لم يعملها أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين فمن اعتقد ذلك عبادة، وفعله فهو مخالف للسنة، وبهذا نظهر ضعف حجة أبي حامد أن زيارة النبي صلى الله عليه سلم لمسجد قباء لم تكن بشد رحل وأن السفر إليه لا يجب بالنذر وقوله: (( لا تشد الرحال الخ ... ) )محمول على نفي الاستحباب، وعنه جوابان:
(أحدهما) : إن هذا إن سلم فيه أن هذا السفر ليس بعمل صالح ولا قربة، ولا طاعة، ولا هو من الحسنات، فإذن من اعتقد أن السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين قربة، وعبادة وطاعة فقد خالف الاجماع، وإذا سافر لاعتقاده أنها طاعة كان ذلك محرما بإجماع المسلمين )) . اهـ.