فهرس الكتاب
الصفحة 235 من 332

صاحبه في حياته، وبعد مماته (( ودعوة المسلمين تحيط بهم من ورائهم ) )يوضحه أن الله تعالى جعل الإيمان سببا لانتفاع صاحبه بدعاء اخوانه من المؤمنين وسعيهم، فإذا أتي به فقد سعى في المسبب الذي يوصل إليه ذلك.

[الثاني] : وهو أقوى منه، أن القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره، وإنما نفى ملكه بغير سعيه، وبين الأمرين من الفرق مالا يخفى، فأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه، فإن شاء أن يبذله لغيرهن وإن شاء أن يبقيه لنفسه، وقوله سبحانه: (( أن لا تزر وازرة وزر أخرى. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) ).

آيتان محكمتان تقتضيان عدل الرب تعالى.

[فالأولى] تقضي أنه لا يعاقب أحد بجرم غيره، ولا يؤاخذه بجريرة غيره كما يفعله ملوك الدنيا.

[والثانية] : تقضي أنه لا يفلح إلا بعمله ليقطع طمعه من نجاته بعمل آبائه، وسلفه ومشائخه، كما كان عليه أصحاب الطمع الكاذب، وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى، وكذلك قوله:

(( لها ما كسبت ) )وقوله: (( ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) ).

على أن سياق هذه الآية يدل على أن المنفي عقوبة العبد بعمل غيره، فإنه تعالى قال:

{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس: 54] .

وأما استدلالهم بقوله عليه الصلاة والسلام: (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله ... الخ ... ) )

فاستدلال ساقط فإنه لم يقل انقطع انتفاعه، وإنما أخبر بانقطاع عمله، وأما عمل غيره فهو لعامله، فإن وهبه له وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو، وهذا كالدين يوفيه الانسان عن غيره، فتبرأ ذمته ... وأما تقريق من فرق بين العبادات المالية والبدنية، فقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم الصوم عن الميت كما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام