… (قلت) : وإذا انتفت الكراهة، فيكون مباحا، أو مشروعا، والعمل بالمباح جائز حتى يرد النص بالتحريم، وقد ورد النص بمشروعيته، وقد قواه الضياء في المختارة، والحديث القوي يعمل به استحبابا، وهاك ما رواه الطبراني في معجمه عن أبي أمامه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إذا مات أحد من إخواتكم فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس القبر، ثم يقول يا فلان فإنه يسمعه ولا يجيبه، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعدا، ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول: أرشدنا برحمك الله، ولكن لا تشعرون، ثم يقول: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما ) ).
فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال: (( فينسبه إلى حواء، يا فلان ابن حواء ) ).
قال ابن القيم الحنبلي: هذا حديث لا يصح رفعه، ولكن قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله فهذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت، يقف الرجل، ويقول: يا فلان ابن فلانة اذكر ما فارقتنا عليه شهادة ألا إله إلا الله الخ ... فقال: ما رأيت أحدا فعل هذا إلا أهل الشام، حين مات أبو المغيرة، جاء إنسان فقال ذلك، وكان أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه، وكان ابن عياش يروي فيه، قال ابن القيم: قلت: يريد حديث إسماعيل بن عياش، هذا الذي رواه الطبراني عن أبي أمامه، وقد ذكر سعيد بن منصور في سننه عن راشد بن سعد وحمزة بن جندب، وحكيم ابن عمير، قالوا: إذا سوي على الميت قبره، وانصرف الناس عنه فكانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره، يا فلان قل لا إله إلا الله ثلاث مرات، يا فلان قل ربي وديني الإسلام، ونبي محمد، ثم ينصرف )) . اهـ.
وإذا كان التلقين مستحبا بقول كثير من الحنابلة إذا فلا حاجة للتشنيع على من فعل ذلك من اهل السنة والجماعة، في البلاد الشامية مع أن ابن حجر قال عن حديث التلقين الذي رواه أبو أمامة هذا إسناده صالح، وذكر له شواهد في التلخيص وعمل به متأخرو الشافعية، والله أعلم.