مبتدعة، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من صفات الحدث، ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات، ثم أثبتوا أنها صفات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ولا مجيء وإتيان على معاني بر ولطف، ولا ساق على شدة بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يحمل على حقيقته إن أمكن، فإن صره صارف محل على المجاز، ثم يتحرون من التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون نحن (أهل السنة) وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، وقد نصحت التابع والمتبوع، وقلت يا أصحابنا. أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر (أمد بن حنبل) رحمه الله يقول وهو تحت السياط (كيف أقول مالم يقل) فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس فيه، ثم قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن قال استوى بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجرى الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقر الأحاديث، ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه على الظاهر قلي، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه )) اهـ.
إذن فقد أثبت ابن الجوزي أن هؤلاء ليسوا سلفيين، وإنما هم مبتدعون، قالوا بما لم يقل به الصلف الصالح وعلى رأسهم إمامهم، إذ حملوا النصوص على ظواهرها، وأهملوا اللغة. وابن عباس يقول: (( إذ استغلق عليكم فهم القرآن، فعليكم بأشعار العرب فإنه نزل بلغتهم ) )اهـ