أهواؤهم إلى التقليد لرؤسائهم، ومن نص من أسلافهم، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلا لم ينزل الله به سلكانا، ولا أوضح به برهانا، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين، ولا عن السلف المتقدمين، فخالفوا رواية الصحابة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، في رؤية بالأبصار، وقد جاءت في ذلك الروايات من الجهات المختلفات وتواترت الآثار، وتتابعت الأخبار، وأنكروا (شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسمل) وردوا الرواية في ذلك عن السلف المتقدمين، وجحدوا عذاب القبر، وأن الكفار في قبورهم يعذبون، وقد أجمع على ذلك الصحابة والتابعون، ودانوا بخلق القرآن نظيرا لقول إخوانهم من المشركين، الذين قالوا:
{إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} [المدثر: 25] .
فزعموا أن القرآن كقول البشر، وأثبتوا وأيقنوا أن العباد يخلقوا الشر نظيرا لقول المجوس، والذي يثبتوا خالقين (أحدهما) يخلق الخير (والآخر) يخلق الشر. وزعموا أن الله تعالى يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء. خلافا لما أجمع عليه المسلمون، من أن ما شاء الله كان، وما لا يشأ لا يكون وردا لقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] ، ولقوله تعالى:
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] ولقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] وقوله تعالى مخيرا عن شعيب أنه قال: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 89] ولذا سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
(( مجوس هذه الأمة ) ).
لأنهم دانوا بديانة المجوس، وضاهوا أقوالهم، وزعموا أن للشر والخير خالقين، كما زعمت المجوس وأنه يكون من الشر ما لا يشاء الله، كما قالت المجوس، وزعموا أنهم يملكون الضر والنفع لأنفسهم ردا تعالى:
{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] .
وانحرافا عن القرآن، وعما أجمع عليه المسلمون، وزعموا أنهم ينفردون (بالقدرة) على ما لم يصفوا الله بالقدرة عليه، كما أثبتت المجوس للشيطان من القدرة على