فهرس الكتاب
الصفحة 138 من 332

إلا للصفات وهو تعالى ذات موصوف بصفة، وليس عز وجل بصفة فافهم، هذا والباء في قولهم (( بنفسه ) )الباء للسببية، وفائدتها إنما تظهر بالنسبة للمقابل أي قيامه تعالى وعدم افتقاره لذات سوى ذاته أمر حصل له من قبل ذاته لا من قبل غيره، فليس غيره سببا لقيامه عز وجل حتى يحتاج في قيامه لذلك الغير. وهذا الكلام لا يوافق الحشوية الحنبلة. لأن ضد القيام بالنفس الاحتياج إلى المحل، أي ذات يقوم بها، وهم يحومون حولها، ومن المحل أن يكون تعالى (صفة) حتى يحل في ذات غيره ومن هنا يظهر كذب النصارى، القائلين بالأقانيم الثلاثة، تعالى الله عن صفات المخلوقين. قال تعالى:

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] .

(قيوم) من أمثلة المبالغة، وإن لم تشتهر كالأمثلة الخمسة. أي المبالغ في القيام بتدبير خلقه، وهو من قام كل شيء في السموات وفي الأرضين بذته العلية، يدل على هذا قوله تعلى:

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 255] .

تقرير لقيام كل شيء بالله تعالى:

{وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65] وقوله تعالى:

{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] .

نفي للتشبيه بينه تعالى وبين كافة مخلوقاته، فلا تعتريه جلت قدرته غفلة، ولا سنة، ولا نوم.

وخلاصة ما تقدم في إثبات (أهل السنة والجماعة) لهذا الصفات الثلاث [القدم، ومخالفته تعالى للحوادث، وقيامه بنفسه] خلافا لكافة الفرق لدليل ثبت عندهم من القرآن الكريم كما علمت فافهم هذا، وما أثبتوا هذه الصفات الثلاث، وتكلموا عليها على نحو ما ذكرت إلا للرد على غلاة الحشوية الحنبلة، وغيرهم من المجسمين، وقد قدمت لك طرفا من أٌقوالهم التي تفيد ذلك، ولا دليل لهم.

أما نحن فقد وتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح، ومنهم أئمة الدين الأربعة، رضي الله عنهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام