فالأمر بالجماعة والائتلاف هو أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين، وأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأمته، والأمر للوجوب كما هو معلوم ومقرر في علم الأصول، وعلى قدر امتثال المؤمنين لهذا الأمر تكون سعادتهم في الدنيا، وحسن العاقبة في الآخرة.
وتوجد أحاديث أخرى في الباب تعاضد الأحاديث السابقة وتدل إجمالاً على ما دلت عليه.
فمنها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) ) [1] .
ومنها حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثل المؤمنين في توادهم, وتراحمهم, وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ) [2] .
ومن الأحاديث التي رويت مرفوعة بسند ضعيف وصحت موقوفة على ابن مسعود رضي الله عنه ما رواه اللالكائي بسنده عن ثابت بن قطبة قال: (سمعت ابن مسعود وهو يخطب. وهو يقول: يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما السبيل في الأصل إلى حبل الله الذي أمر به, وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة) [3] . وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق لجمال بن أحمد بادي - ص: 65
(1) رواه البخاري (481) ، ومسلم (2585) .
(2) رواه البخاري (6011) ، ومسلم (2586) .
(3) رواه اللالكائي في (( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ) ) (1/ 108) ، ورواه الطبراني (9/ 198) (8971) ، والحاكم (4/ 598) . وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (7/ 331) : رواه الطبراني بأسانيد وفيه مجالد وقد وثق وفيه خلاف وبقية رجال إحدى الطرق ثقات.