فأما العموم: فقال أبو داود في (سننه) : حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على عبدالله بن نافع، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) ) [1]
فمن ذلك: ما رواه أبو يعلى الموصلي في (مسنده) ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم - من ولد ذي الجناحين- حدثنا علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن الحسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو. فنهاه، فقال: ألا أحدّثكم حديثاً سمعته عن أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم ) )رواه أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي الحافظ، فيما اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على (الصحيحين) ، وشرطه فيه أحسن من شرط الحاكم في (صحيحه) [2] .
وروى سعيد في (سننه) ، حدثنا حبان بن علي، حدثني محمد بن عجلان، عن أبي سعيد مولى المهري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا عليَّ حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني ) ) [3] .
وقال سعيد: حدثنا عبدالعزيز بن محمد، أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عند القبر، فناداني، وهو في بيت فاطمة يتعشى. فقال: هلم إلى العشاء؟ فقلت لا أريده. فقال: مالي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذا دخلت المسجد فسلم. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ) ). ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء [4] .
(1) رواه أبو داود (2042) . وسكت عنه. وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في (( الأحكام الصغرى ) ) (892) - كما أشار لذلك في مقدمته -، والنووي في (( الأذكار ) ) (154) . وقال ابن تيمية في (( اقتضاء الصراط المستقيم ) ) (2/ 169) : إسناده حسن وله شواهد. وقال ابن حجر في (( الفتوحات الربانية ) ) (3/ 314) : حسن. وقال الألباني في (( صحيح سنن أبي داود ) ): صحيح.
(2) رواه أبو يعلى (1/ 361) ، والضياء المقدسي في (( الأحاديث المختارة ) ) (428) . قال ابن عبدالهادي المقدسي في (( الصارم المنكي ) ) (206) : جيد. وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (4/ 6) : رواه أبو يعلى، وفيه حفص بن إبراهيم الجعفري ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحاً، وبقية رجاله ثقات. وقال السخاوي في (( المقاصد الحسنة ) ) (313) ، والعجلوني في (( كشف الخفاء ) ) (2/ 33) : حسن. وقال الألباني في (( تحذير الساجد ) ): وسنده مسلسل بأهل البيت رضي الله عنهم، إلا أن أحدهم وهو علي بن عمر مستور، كما قال الحافظ في (( التقريب ) ) (1/ 700) .
(3) رواه سعيد بن منصور في (( سننه ) )مرسلاً كما في (( اقتضاء الصراط المستقيم ) )لابن تيمية (ص: 322) ، وابن عساكر في (( تاريخ دمشق ) ) (13/ 62) .
(4) رواه سعيد بن منصور في (( سننه ) )مرسلاً كما في (( اقتضاء الصراط المستقيم ) )لابن تيمية (ص: 106) ، ورواه عبد الرزاق في (( المصنف ) ) (3/ 71) . قال ابن القيم في (( إغاثة اللهفان ) ) (1/ 301) ، وابن عبدالهادي الحنبلي في (( الصارم المنكي ) ) (ص: 322) : مرسل. قال الألباني في (( أحكام الجنائز ) ) (ص220) : مرسل بإسنادٍ قوي.