السيد الحق هو الذي يثني عليه ربه ويشهد له، والسيدة الفاضلة هي التي يرضى عنها ربها، ويتقبلها بقبول حسن، وأفضل النساء هن اللواتي يحزن جنات النعيم، ونساء أهل الجنة يتفاضلن، وسيدات نساء أهل الجنة: خديجة، وفاطمة، ومريم وآسية، ففي (مسند أحمد) ، و (مشكل الآثار) للطحاوي، و (مستدرك الحاكم) ، بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: (( خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض أربعة أخطط، ثم قال: تدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ) ). [1] ومريم وخديجة أفضل الأربع، ففي (صحيح البخاري) عن علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة ) ) [2] ومريم هي سيدة النساء الأولى وأفضل النساء على الإطلاق، فقد روى الطبراني بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران، فاطمة، وخديجة، وآسية امرأة فرعون ) ) [3] . وكونها أفضل النساء على الإطلاق صرح به القرآن: وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ [آل عمران: 42] ، وكيف لا تكون كذلك وقد صرح الحق بأنه تقبلها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا [آل عمران: 37] .
وهؤلاء الأربع نماذج رائعة للنساء الكاملات الصالحات، فمريم ابنة عمران أثنى عليها ربها في قوله: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ [التحريم:12] . وخديجة الصديقة التي آمنت بالرسول - صلى الله عليه وسلم - من غير تردد، وثبتته، وواسته بنفسها ومالها، وقد بشرها ربها في حياتها بقصر في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، فقد روى البخاري في (صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ) ). [4]
وآسية امرأة فرعون هان عليها ملك الدنيا ونعيمها، فكفرت بفرعون وألوهيته، فعذبها زوجها فصبرت حتى خرجت روحها إلى بارئها وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظالِمِينَ [التحريم: 11] . وفاطمة الزهراء ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصابرة المحتسبة التقية الورعة فرع الشجرة الطاهرة، وتربية معلم البشرية. الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص185
(1) رواه أحمد (1/ 316) (2903) ، والحاكم (2/ 539) ، والطحاوي في (( المشكل ) ) (128) . وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ. ووافقه الذهبي. وقال النووي في (( تهذيب الأسماء واللغات ) ) (2/ 341) : إسناده حسن. وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (9/ 226) : رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح. وصحح إسناده ابن حجر في (( فتح الباري ) ) (6/ 543) . وقال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) ) (1508) : ورجاله ثقات رجال البخاري غير علباء بن أحمد، فهو من رجال مسلم.
(2) رواه البخاري (3815) .
(3) رواه الطبراني (11/ 415) . وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (9/ 203) : ورجال الكبير رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي وثقه ابن حبان. وقال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) )بعد حديث (1508) : إسناده صحيح.
(4) رواه البخاري (3820) ، ومسلم (2432) .