وأما الحوض: فإن لكل نبي حوض كما في الحديث: (( إن لكل نبي حوضاً، وأنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة ) ) [1] .
وأحواض الأنبياء متفاضلة، وأفضلها حوض النبي صلى الله عليه وسلم فهو أكثرهم وارداً، وقد جاء في صفته أنه مسيرة شهر, وأن زواياه سواء, وأن ماءه أبيض من اللبن, وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم الماء من شرب منه لم يظمأ أبداً [2] . وماء حوض نبياً صلى الله عليه وسلم (( يشخب فيه ميزابان من الجنة ) ) [3] كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد خص صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء بالكوثر كما قال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] . والكوثر نهر في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (( بينما أنا أسير في الجنة إذا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك, فإذا طيبه - أو طينه - مسك أذفر ) ) [4] . شك من الراوي. وهذا من فضائله صلى الله عليه وسلم.
والمؤمنون يتفاضلون في ورود الحوض, فمنهم من يرده, ومنهم من يذاد عنه. قال صلى الله عليه وسلم: (( إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم, وسيؤخذ ناس دوني فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك, والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم ) ) [5] .
وقال صلى الله عليه وسلم: (( إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم ) ) [6] .
وهذه فضيلة لأهل اليمن, وكرامة أن يدفع النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن حوضه حتى يشربوا هم ويتقدموا في الشرب [7] . مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد بن عبدالرحمن الشظيفي - ص402
(1) رواه الترمذي (2443) ، والطبراني (7/ 212) (6881) . من حديث سمرة رضي الله عنه. قال الترمذي: غريب [روي] مرسلا وهو أصح، وقال العراقي في (( تخريج الإحياء ) ) (5/ 292) : [روي] عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً, ولم يذكر فيه عن سمرة, وهو أصح، وصححه الألباني في (( صحيح سنن الترمذي ) ).
(2) رواه البخاري (6579) . من حديث ابن عمرو رضي الله عنه.
(3) رواه مسلم (2300) . من أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
(4) رواه البخاري (6581) . من حديث أنس رضي الله عنه.
(5) رواه البخاري (6593) ، ومسلم (2293) . من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.
(6) رواه البخاري (2301) . من حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(7) انظر (( شرح النووي لمسلم ) ) (15/ 62) .