الفصل الأول: دور الملائكة تجاه المؤمنين
-محبتهم للمؤمنين:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل. فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحبّ فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثمّ يوضع له القبول في الأرض ) ) [1] .
-تسديد المؤمن:
روى البخاري في صحيحه (( عن حسّان بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له، فقال: اللهمّ أيده بروح القدس ) ) [2] .
وفي الصحيح أيضاً عن أبي هريرة قال: (قال سليمان عليه السلام: لأطوفنّ الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، ونسي، فأطاف بهنّ، ولم تلد إلا امرأة منهنّ نصف إنسان ) ) .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لو قال: إن شاء الله لم يحنث، وكان أرجى لحاجته ) ) [3] .
فالملك سدد نبي الله سليمان وأرشده إلى الأصوب والأكمل.
-صلاتهم على المؤمنين:
أخبرنا الله أن الملائكة تصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب: 56] . وهم يصلون على المؤمنين أيضاً: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب: 43] .
والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند ملائكته، حكاه البخاري عن أبي العالية [4] ، ...
وأمّا الصلاة من الملائكة فبمعنى الدعاء للناس، والاستغفار لهم، وهذا ما سنوضحه فيما يأتي:
نماذج من الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها:
أ- معلّم الناس الخير:
روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير ) ) [5] .
ب- الذين ينتظرون صلاة الجماعة:
في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهمّ اغفر له، اللهم ارحمه. ما لم يحدث ) ) [6] .
ج- الذين يصلون في الصف الأول:
في سنن أبي داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول ) ) [7] .
وفي سنن النسائي: (( على الصفوف المتقدمة ) ) [8] .
وفي سنن ابن ماجة من حديث البراء، وحديث عبد الرحمن بن عوف: (( إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ) ) [9] .
د- الذين يسدّون الفرج بين الصفوف:
(1) رواه البخاري (3209) ، ومسلم (2637) .
(2) رواه البخاري (453) .
(3) رواه البخاري (5242) ، ومسلم (1654) .
(4) (( صحيح البخاري ) ) (6/ 111) .
(5) رواه الترمذي (2685) . وقال: غريب، وصححه الألباني في (( صحيح سنن الترمذي ) ).
(6) رواه مسلم (649) .
(7) رواه أبو داود (664) ، وأحمد (4/ 298) (18666) . والحديث سكت عنه أبو داود، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في (( الأحكام الصغرى ) ) (219) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وحسن إسناده النووي في (( رياض الصالحين ) ) (384) .
(8) رواه النسائي (2/ 89) . وصححه الألباني في (( صحيح سنن النسائي ) ).
(9) رواه ابن ماجه (823) و (825) . قال البوصيري في (( زوائد ابن ماجه ) ) (1/ 153) بعد حديث البراء: رجاله ثقات، وقال بعد حديث عبدالرحمن بن عوف: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححهما الألباني في (( صحيح سنن ابن ماجه ) ).