الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به ذكر الإمام ابن القيم- رحمه الله- والإمام محمد بن عبد الوهاب وأئمة الدعوة الإعراض كناقض من نواقض الإسلام، فما المقصود بالإعراض؟ وما هو الإعراض المناقض للإسلام؟
أ- مفهوم الإعراض:
ورد ذكر الإعراض في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعاً [1] ، سنستعرض بعضها، وننقل شيئاً من أقوال المفسرين حولها، وقبل ذلك نشير بإيجاز إلى كلام أهل اللغة في معنى الإعراض، ثم نذكر الخلاصة.
قال في اللسان: ( ... والمعرض: الذي يستدين ممن أمكنه من الناس، .. وقال الأصمعي: قوله فادَّان معرضاً: أي أخذ الدين ولم يبال أن لا يؤديه، ولا ما يكون من التبعة، ... وقيل: إن أراد أن يعرض إذا قيل له لا تستدن فلا يقبل، من أعرض عن الشيء إذا ولاه ظهره، وقيل: أراد معرضاً عن الأداء مولياً عنه) [2] .
(والإعراض عن الشيء: الصد عنه، وأعرض عنه: صد) [3] . (والإعراض الصدود، أعرض عنه: صد وولى) [4] .
وقال في اللسان في معنى التولي (وتولى عنه: أعرض: وولى هارباً: أي أدبر ... وقد ولى الشيء وتولى إذا ذهب هارباً ومدبراً، وتولى عنه إذا أعرض، والتولي يكون بمعنى الإعراض، ويكون بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد: 38] أي: إن تعرضوا عن الإسلام ... ) [5] . وقال الراغب الأصفهاني: (وقولهم: تولى) إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه، يقال: وليت سمعي، ووليت عيني كذا، ووليت وجهي كذا أقبلت به عليه، قال الله عز وجل: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا [البقرة: 144] وإذا عدي بمن لفظاً أو تقديراً اقتضى معنى الإعراض وترك قربة .. فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ [آل عمران: 144] إِلا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ [الغاشية: 23] والتولي قد يكون بالجسم، وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار) [6] .
وقال أبو البقاء الكفوي في (الكليات) : (الإعراض: أن تولي الشيء عرضك: أي جانبك ولا تقبل عليه، والتولي: الإعراض مطلقاً، ولا يلزمه الإدبار ... والإعراض: الانصراف عن الشيء بالقلب، قال بعضهم: المعرض والمتولي يشتركان في السلوك إلا أن المعرض أسوأ حالاً ... وغاية الذم الجمع بينهما) [7] .
وبعد هذه الإشارة السريعة للمعنى اللغوي نستعرض بعض الآيات المتعلقة بالموضوع مع ذكر أقوال بعض المفسرين.
1 -قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا [السجدة: 22] . قال الإمام القرطبي: (ثم أعرض عنها بترك القبول) [8] وقال الحافظ ابن كثير- رحمه الله- (أي: تناساها، وأعرض عنها، ولم يصغ لها ولا ألقى إليها بالاً) [9] .
(1) (( المعجم المفهرس ) ) (ص: 457، 458) .
(2) (( لسان العرب ) ) (7/ 176) انظر (( المفردات ) ) (ص: 330) للراغب الأصفهاني و (( مختار الصحاح ) ) (ص: 425) و (( النهاية ) ) (3/ 209) .
(3) (( لسان العرب ) ) (7/ 182) .
(4) (( الإفصاح في فقه اللغة ) ) (1/ 195) .
(5) (( لسان العرب ) ) (15/ 415) .
(6) (( المفردات ) ) (ص: 534) ، انظر (( الكليات ) ) (ص: 280) لأبي البقاء الكفوي.
(7) (( الكليات ) ) (ص: 28) .
(8) (( الجامع لأحكام القرآن ) ) (14/ 108) .
(9) (( تفسير ابن كثير ) ) (3/ 91) .