المطلب الأول: مستقر الأرواح في البرزخ
أرواح العباد في البرزخ متفاوتة في منازلها، وقد استقرأنا النصوص الواردة في ذلك فأفادتنا التقسيم التالي:
أولاً: أرواح الأنبياء، وهذه تكون في خير المنازل في أعلى عليين، في الرفيق الأعلى، وقد سمعت السيدة عائشة الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر لحظات حياته يقول: (( اللهمَّ الرفيق الأعلى ) ) [1] .
الثاني: أرواح الشهداء، وهؤلاء أحياء عند ربهم يرزقون، قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 16] ، وقد سأل مسروق عبد الله بن مسعود عن هذه الآية، فقال: (( إنا قد سألنا عن ذلك، فقال:"أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل ) )رواه مسلم في صحيحه [2] . وهذه أرواح بعض الشهداء لا كل الشهداء، لأن منهم من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه، كما في المسند عن عبد الله بن جحش: (( أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: الجنة، فلما ولّى، قال: إلا الدين، سارني به جبريل آنفاً ) ) [3] . الثالث: أرواح المؤمنين الصالحين: تكون طيوراً تعلق في شجر الجنة، ففي الحديث الذي يرويه عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إنما نسمة المسلم طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده إلى يوم القيامة ) )رواه أحمد [4] ."
(1) رواه البخاري (4463) ، ومسلم (2444) .
(2) رواه مسلم (1887) .
(3) رواه أحمد (4/ 350) (19100) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (4/ 130) : فيه أبو كثير وهو مستور وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني في (( إرواء الغليل ) ) (5/ 19) : إسناده جيد.
(4) رواه أحمد (3/ 455) (15814) . قال الألباني في (( سلسلة الأحاديث الصحيحة ) ) (2/ 694) ، وشعيب الأرناؤوط محقق (( المسند ) ): إسناده صحيح على شرط الشيخين.