روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (( مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أمّا أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله، ثم قال: ثم أخذ عوداً رطباً فكسره باثنتين، ثم غرز كل واحد منهما على قبر، ثم قال: لعله يخفف عنهما، ما لم ييبسا ) ) [1] .
وروى النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (( دخلت عليَّ امرأة من اليهود، فقالت: إن عذاب القبر من البول، فقلت: كذبت، فقالت: بلى، إنا لنقرض منه الجلد والثوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وقد ارتفعت أصواتنا، فقال: ما هذا؟ فأخبرته بما قالت فقال: صدقت. قالت: فما صلى بعد يومئذ إلا قال دبر كل صلاة: ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أعذني من حرّ النار وعذاب القبر ) ) [2] .
وهذا الذي أشار إليه الحديث من أن بني إسرائيل كانوا يقرضون من البول الجلد والثوب - هو من الدين الذي شرعه الله لهم، ولذلك لما نهاهم عن فعل ذلك أحدهم عذب في قبره بسبب نهيه، ففي حديث عبد الرحمن بن حسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل، كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم، فنهاهم عن ذلك، فعذب في قبره ) ) [3] .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عامة عذاب القبر من البول، فقد روى أنس رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (( تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه ) ) [4] ، ورواه ابن عباس بلفظ: (( عامة عذاب القبر من البول، فتنزهوا منه ) ) [5] ورواه أبو هريرة بلفظ: (( أكثر عذاب القبر من البول ) ) [6] . القيامة الصغرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص 57
(1) رواه البخاري (218) ، ومسلم (292) .
(2) رواه النسائي (3/ 72) . وضعف إسناده الألباني في (( صحيح سنن النسائي ) ).
(3) رواه أبو داود (22) ، والنسائي (1/ 26) ، وابن ماجه (281) ، وأحمد (4/ 196) (17793) ، وابن حبان (7/ 397) (3127) ، والحاكم (1/ 294) . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ومن شرط الشيخين، وصححه النووي في (( الخلاصة ) ) (1/ 158) ، والعيني في (( عمدة القاري ) ) (8/ 211) .
(4) رواه الدارقطني (1/ 311) . وقال: المحفوظ مرسل، وقال الذهبي في (( تنقيح التحقيق ) ) (1/ 129) : إسناده وسط، وحسن إسناده ابن الملقن في (( تحفة المحتاج ) ) (1/ 217) ، وابن كثير في (( إرشاد الفقيه ) ) (1/ 57) .
(5) رواه عبد بن حميد (ص: 215) ، والبزار (11/ 170) ، والطبراني (11/ 79) (11104) ، والدارقطني (1/ 315) ، والحاكم (1/ 293) . قال البزار: روي من غير وجه بألفاظ مختلفة، وصححه الطحاوي في (( شرح مشكل الآثار ) ) (13/ 189) ، وقال الدارقطني: لا بأس به.
(6) رواه ابن ماجه (283) ، وأحمد (2/ 389) (9047) ، والدارقطني (1/ 314) ، والمنذري في (( الترغيب والترهيب ) ) (1/ 114) . قال الدارقطني: صحيح، وقال المنذري: صحيح على شرط الشيخين، وقال البوصيري في (( زوائد ابن ماجه ) ) (1/ 60) : هذا إسناد صحيح رجاله عن آخرهم محتج بهم في الصحيحين.