المبحث الأول: مدلول كلمة الرب من حيث الاشتقاق اللغوي:
فالرب مصدر أريد به اسم الفاعل - أي أنه راب، قال الراغب الأصفهاني: (الرب مصدر مستعار للفاعل) [1] .
قال ابن الأنباري: (الرب: ينقسم إلى ثلاثة أقسام: يكون الرب: المالك، ويكون الرب: السيد المطاع ... ، والرب: المصلح .. ) . فهذه ثلاثة أصول ترجع إليها معاني كلمة الرب.
فالأصل الأول: بمعنى المالك والصاحب، ومن هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ضالة الإبل (( فذرها حتى يلقاها ربها ) ) [2] .
والأصل الثاني: بمعنى السيد المطاع، قل الطبري: (وأما تأويل قوله:(رب) فإن الرب في كلام العرب متصرف على معان: فالسيد المطاع فيها يدعى رباً، ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة العامر:
وأهلكن يوماً رب كندة وابنه ... ورب معد بين خبت وعرعر
يعني رب كندة: سيد كندة [3] .) اهـ.
ومن هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربها) أي سيدها - وهذا لفظ البخاري.
وأما الأصل الثالث: فبمعنى المصلح للشيء المدبر له، ولذلك قال بعض أهل العلم باشتقاق كلمة الرب من التربية. قال الراغب: (الرب في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام) [4] .
وقال الطبري بعد أن ذكر المعاني الثلاثة لكلمة (الرب) قال: (وقد يتصرف معنى الرب في وجوه غير ذلك، غير أنها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثلاثة) [5] . منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبد اللطيف- 1/ 215
(1) (( المفردات ) )للراغب (ص: 336) .
(2) رواه البخاري (91) . من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه.
(3) (( تفسير الطبري ) ) (1/ 141) .
(4) (( المفردات ) ) (ص: 336) .
(5) (( تفسير الطبري ) ) (1/ 142) .