فهرس الكتاب
الصفحة 309 من 4009

المبحث الأول: تعريف الولاء والبراء

الولاء في اللغة: جاء في لسان العرب: الموالاة - كما قال ابن الأعرابي: أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه. ووالى فلان فلاناً: إذا أحبه.

والمولى: اسم يقع على جماعة كثيرة، فهو: الرب، والمالك، والسيد والمنعم، والمعتق، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه. ويلاحظ في هذه المعاني أنها تقوم على النصرة والمحبة [1]

والولاية - بالفتح - في النسب والنصرة والعتق.

والموالاة - بالضم - من والى القوم. قال الشافعي في قوله صلى الله عليه وسلم: (( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ) [2] يعني بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11] .

والموالاة ضد المعاداة، والولي ضد العدو، قال تعالى: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا [مريم:45] .

قال ثعلب: كل من عبد شيئاً من دون الله فقد اتخذه ولياً. وقوله تعالى: اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ [البقرة:257] . وليهم في نصرهم على عدوهم، وإظهار دينهم على دين مخالفيهم. وقيل: وليهم، أي: يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم.

والولي: القرب والدنو [3] . والموالاة: المتابعة.

والتولي: يكون بمعنى الإعراض، ويكون بمعنى الاتباع. قال تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ [محمد:38] . أي: أن تعرضوا عن الإسلام.

وقوله تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] .

معناه: من يتبعهم وينصرهم [4] .

وقال صاحب (المصباح المنير) الولي: فعيل بمعنى فاعل، من وليه إذا قام به، ومنه قوله تعالى: الله ولي الذين ءامنوا [البقرة:257] .

ويكون الولي: بمعنى مفعول، في حق المطيع، فيقال: المؤمن ولي الله. ووالاه موالاة وولاء: من باب (قاتل) أي تابعه [5] .

تعريف البراء في اللغة: قال ابن الأعرابي: بَرِئ إذا تخلص، وبَرِئ، إذا تنزه وتباعد، وبَرِئ: إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: بَرَاءةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:1] أي: إعذار وإنذار.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه لما دعاه عمر إلى العمل فأبى قال عمر: (إن يوسف قد سأل العمل، فقال أبو هريرة: إن يوسف مني بريء وأنا منه براء) [6] . أي برئ عن مساواته في الحكم وأن أقاس به، ولم يرد براءة الولاية والمحبة لأنه مأمور بالإيمان به، انتهى من (النهاية) .

والبراء والبريء سواء.

وليلة البراء: ليلة يتبرأ القمر من الشمس، وهي أول ليلة من الشهر [7] .

(1) (( لسان العرب ) )لابن منظور (3/ 985 - 986) ، وانظر: (( القاموس المحيط ) ) (ص294) .

(2) رواه الترمذي (3713) ، وأحمد (1/ 118) (950) ، والحاكم (3/ 118) . من حديث زيد بن الأرقم رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. وحسنه ابن حجر في (( هداية الرواة ) ) (5/ 423) - كما أشار لذلك في المقدمة -. وقال الألباني في (( صحيح سنن الترمذي ) ): صحيح.

(3) (( لسان العرب ) ) (3/ 986) .

(4) (( لسان العرب ) ) (3/ 988) .

(5) (( المصباح المنير ) )للفيومي (2/ 841) .

(6) هذا الأثر ذكره ابن الأثير في كتابه (( النهاية في غريب الأحاديث ) ) (1/ 112) تحقيق الزاوي والطناحي.

(7) (( لسان العرب ) ) (1/ 183) ، و (( القاموس المحيط ) ) (1/ 8) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام