المطلب الأول: تعريف الإكراه لغة واصطلاحا
جاء في اللسان: (وقد أجمع كثير من أهل اللغة أن الكَره والكُره لغتان، فبأي لغة وقع فجائز) [1] .
وقال الفراء: (الكره، بالضم، المشقة، يقال: قمت على كره: أي على مشقة، قال: ويقال أقامني فلان على كره، بالفتح، إذا أكرهك عليه، وقال ابن سيده: الكره الإباء والمشقة تحتملها من غير أن تكلفها .. ) [2] .
وجاء في المعجم: (كره الشيء كرهاً وكراهة وكراهية: خلاف أحبه فهو كريه ومكروه، وأكرهه على الأمر: قهره عليه، وكره إليه الأمر، صيره كريهاً إليه، والمكره: ما يكرهه الإنسان ويشق عليه، وجمعه مكاره) [3] ، وجاء في المصباح المنير: (الكره، بالفتح، المشقة، وبالضم، القهر، وقيل: بالفتح، الإكراه، وبالضم، المشقة، وأكرهته على الأمر إكراهاً، حملته عليه قهراً، يقال: فعلته كرهاً، بالفتح، أي إكراهاً، ومنه، قوله تعالى: طَوْعًا وَكَرْهًا [آل عمران:83] فقابل بين الضدين) [4]
فنلاحظ مما سبق، أن معاني الإكراه، تدور حول المشقة والقهر والإجبار، ومنافاة الرضى والمحبة والاختيار.
ب- المعنى الاصطلاحي:
عرف الفقهاء الإكراه، بتعريفات كثيرة، بينها بعض الاختلافات اليسيرة، بحسب اختلافهم في بعض شروط الإكراه وأنواعه، وسأذكر بعض التعريفات باختصار:
قال ابن حزم - رحمه الله - في تعريف الإكراه: (والإكراه هو كل ما سمي في اللغة إكراهاً، وعرف بالحس أنه إكراه، كالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه إنفاذ ما توعد به، والوعيد بالضرب كذلك) [5] . وعرفه ابن حجر - رحمه الله - بقوله: (هو إلزام الغير بما لا يريده) [6] .
وعرفه الشرقاوى من الشافعية فقال في تعريفه: (الإلجاء إلى فعل الشيء قهراً) [7] .
وعرفه علاء الدين البخاري، تعريفاً شاملاً، فقال: (حمل الغير على أمر يمتنع عنه، بتخويف يقدر الحامل على إيقاعه، ويصير الغير خائفاً فائت الرضا بالمباشرة) [8] .
وهذه التعريفات وإن اختلفت عباراتها، إلا أنها متفقة في معانيها من حيث الإجمال: فتتفق هذه التعريفات على: أن في الإكراه إلزاماً للغير قهراً - بالوعيد بالقتل أو غيره - على فعل أمر لا يريده ولا يحبه، وهذه المعاني تتفق مع المعنى اللغوي. نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبدالله بن علي الوهيبي- 2/ 5
(1) [9649] ) (( لسان العرب ) ) (13/ 534) (مادة: كره) .
(2) [9650] ) (( لسان العرب ) ) (13/ 534) .
(3) [9651] ) (( المعجم الوسيط ) ) (2/ 791) (مادة: كره) .
(4) [9652] ) (( المصباح المنير ) )للفيومي (2/ 643) .
(5) [9653] ) (( المحلى ) )لابن حزم (8/ 33) .
(6) [9654] ) (( فتح الباري ) ) (12/ 311) .
(7) [9655] ) (( حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب ) ) (2/ 390) .
(8) [9656] ) (( كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام ) )البزدوي (4/ 482) ، وانظر (( تعريفات أخرى لأئمة المذاهب في الإكراه وأثره في التصرفات ) )، د. عيسى شقره (40،41) ، (( الإكراه في الشريعة ) )د. فخري أبو صفية (21 - 24) , و (( الإكراه وأثره في التصرفات ) )، د. محمد المعيني (29 - 32) وغيرها.