الأصل الثاني عشر: (الإرادة الجازمة للفعل مع القدرة التامة(توجب وقوع المقدور) أو (لا يتخلف عنها العمل) أو (توجب فعل المراد) [1] .
قال شيخ الإسلام:(فالإيمان لا بد فيه من هذين الأصلين: التصديق بالحق، والمحبة له، فهذا أصل القول، وهذا أصل العمل.
ثم الحب التام مع القدرة يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر والعمل الظاهر ضرورة كما تقدم ...
وإذا قام بالقلب التصديق به والمحبة له لزم ضرورة أن يتحرك البدن بموجب ذلك من الأقوال الظاهرة والأعمال الظاهرة، فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجب ما في القلب ولازمه ودليله ومعلوله، كما أن ما يقوم بالبدن من الأقوال والأعمال له أيضاً تأثير فيما في القلب.
فكل منهما يؤثر في الآخر لكن القلب هو الأصل، والبدن فرع له، والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه) [2] .
وقال - رحمه الله:(والإرادة الجازمة مع القدرة تستلزم وجود المراد ووجود المقدور عليه منه، فالعبد إذا كان مريداً للصلاة إرادة جازمة مع قدرته عليها صلى، فإذا لم يصل مع القدرة دل ذلك على ضعف الإرادة.
وبهذا يزول الاشتباه في هذا المقام، فإن الناس تنازعوا في الإرادة بلا عمل، هل يحصل بها عقاب؟ وكثر النزاع في ذلك ...
والفصل في ذلك أن يقال: فرق بين الهم والإرادة، فالهم قد لا يقترن به شيء من الأعمال الظاهرة، فهذا لا عقوبة فيه بحال ...
وأما الإرادة الجازمة فلا بد أن يقترن بها مع القدرة فعل المقدور، ولو بنظرة أو حركة رأس أو لفظة أو خطوة أو تحريك بدن ... ) [3] .
وقال - رحمه الله: (وأما إذا قرن الإيمان بالإسلام، فإن الإيمان في القلب، والإسلام ظاهر، كما في المسند عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( الإسلام علانية والإيمان في القلب ) ) [4] و (( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ) [5] ، ومتى حصل له هذا الإيمان وجب ضرورة أن يحصل له الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج؛ لأن إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله يقتضي الاستسلام لله والانقياد له، وإلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار والحب والانقياد باطناً، ولا يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه، كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد) [6] .
(1) (( الجواب الصحيح ) )لابن تيمية (6/ 489) .
(2) (( مجموع الفتاوى ) )لابن تيمية (7/ 540 - 541) .
(3) (( مجموع الفتاوى ) )لابن تيمية (7/ 525 - 527) .
(4) رواه أحمد (3/ 134) (12404) ، وأبو يعلى في مسنده (5/ 301) (2923) ، وابن أبي شيبة (11/ 11) (30955) . من حديث أنس رضي الله عنه. قال ابن عدي في (( الكامل في الضعفاء ) ) (6/ 353) : غير محفوظ. وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (1/ 57) : رواه أحمد وأبو يعلى بتمامه، والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح ما خلا علي بن مسعدة، وقد وثقه ابن حبان وأبو داود الطيالسي وأبو حاتم وابن معين وضعفه آخرون. والحديث ضعفه الألباني في (( ضعيف الجامع ) ) (2280) .
(5) رواه البخاري (50) ، ومسلم (106) . من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6) (( مجموع الفتاوى ) )لابن تيمية (7/ 553) .