فهرس الكتاب
الصفحة 2413 من 4009

وذكر - رحمه الله - في ثنايا كلام له، أن من جعل الإرادة الجازمة مع القدرة التامة لا يكون بها شيء من الفعل دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية، قال - رحمه الله: (فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب، وعلم أن من قال من الفقهاء أنه إذا أقر بالوجوب - أي وجوب الصلاة - وامتنع عن الفعل لا يقتل أو يقتل مع إسلامه، فإنه دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية، والتي دخلت على من جعل الإرادة الجازمة مع القدرة التامة لا يكون بها شيء من الفعل) [1] .

وهذه الأصول الثلاثة الأخيرة تتفق في دلالتها على أمر واحد، وهو (ارتباط الظاهر بالباطن) وشيخ الإسلام يبني عليها القول بكفر تارك الفرائض الأربع، قال - رحمه الله: (وأما الفرائض الأربع، فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة، فهو كافر ...

وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئاً من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء، هي روايات عن أحمد ...

وهذه المسألة لها طرفان:

أحدهما: في إثبات الكفر الظاهر.

والثاني: في إثبات الكفر الباطن.

فأما الطرف الثاني: فهو مبني على مسألة كون الإيمان قولاً وعملاً - كما تقدم -، ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع من السجود الكفار، كقوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (42) [القلم: 42 - 43] ) [2] . براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة لمحمد بن سعيد الكثيري - ص: 131

(1) (( مجموع الفتاوى ) )لابن تيمية (7/ 616) .

(2) (( مجموع الفتاوى ) )لابن تيمية (7/ 611) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام