ما يقوله سائر الناس من الكلام في المطالب الشرعية لابد من عرضه على الكتاب والسنة، فإن وافق الكتاب والسنة فهو حق يقبل, وإن خالفهما فهو باطل يرد، وإن احتمل الجهتين:
فإما أن يعرف مراد المتكلم فيحكم له أو عليه بحسب المراد، وإما أن لا يعرف مراده، فينظر في سيرته - سيرة المتكلم - فإن كانت حسنة حمل كلامه على الوجه الحسن؛ وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ [الأعراف: 58] وإن كانت سيرته سيئة حمل كلامه على الوجه السيء وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا [الأعراف: 58] .
أما إذا عرف مراده لكن لم يعرف: هل جاء الشرع بتصديقه أو بتكذيبه؛ فإنه يمسك عنه ولا يتكلم إلا بعلم، والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم [1] .
واعتصاماً بهذه القاعدة شرح ابن القيم رحمه الله كتاب منازل السائرين للشيخ الهروي في كتابه القيم: (مدارج السالكين) ، فقبل من كلام الشيخ ما أسنده الدليل، ورد منه ما خالفه الدليل، وحمل على أحسن المحامل ما احتمل وجوهاً، إحساناً للظن بشيخ الإسلام الهروي [2] .
(1) انظر: (( مجموع فتاوى ابن تيمية ) ) (13/ 145، 146، 17/ 355) ، و (( شرح الطحاوية ) ) (ص: 161) .
(2) انظر: (( مقدمة مدارج السالكين ) )لمحمد حامد الفقي (ص: ت - ث) .