فهرس الكتاب
الصفحة 1097 من 4009

المثال الأول: الحلف بغير الله

الحلف في اللغة: مصدر حلف، يحلف، وهو الملازمة؛ لأن الإنسان يلزمه الثبات على ما حلف عليه، ويسمى (اليمين) ؛ لأن المتحالفين كان أحدهما يصفق بيمينه على يمين صاحبه [1] ، ويسمى أيضاً (القسم) .

والحلف في الأصل: توكيد لشيء بذكر معظم مصدراً بحرف من حروف القسم.

وفي الاصطلاح: توكيد الشيء بذكر اسم أو صفة لله تعالى مصدراً بحرف من حروف القسم.

وقد أجمع أهل العلم على أن اليمين المشروعة هي قول الرجل: والله، أو بالله، أو تالله، واختلفوا فيما عدا ذلك.

واليمين عبادة من العبادات التي لا يجوز صرفها لغيره الله [2] ، فيحرم الحلف بغيره تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (( ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله، وإلا فليصمت ) ) [3] متفق عليه، فمن حلف بغير الله سواء أكان نبياً أم ولياً أم الكعبة أم غيرها فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، ووقع في الشرك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ) [4] ، ولأن الحلف فيه تعظيم للمحلوف به، فمن حلف بغير الله كائناً من كان، فقد جعله شريكاً لله - عز وجل - في هذا التعظيم الذي لا يليق إلا به سبحانه وتعالى، وهذا من الشرك الأصغر إن كان الحالف إنما أشرك في لفظ القسم لا غير [5] ، أما إن كان الحالف قصد بحلفه تعظيم المخلوق الذي حلف به كتعظيم الله تعالى، كما يفعله كثير من المتصوفة الذين يحلفون بالأولياء والمشايخ أحياء وأمواتاً، حتى ربما بلغ تعظيمهم في قلوبهم أنهم لا يحلفون بهم كاذبين مع أنهم يحلفون بالله وهم كاذبون، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة؛ لأن المحلوف به عندهم أجل وأعظم وأخوف من الله تعالى. تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين- ص: 417

(1) ينظر: (( معجم مقاييس اللغة ) ) (مادة: حلف، ومادة: يمن) ، (( المطلع ) ) (ص: 387) ، (( الدر النقي ) ) (3/ 796) .

(2) (( بدائع الصنائع ) ): الإيمان (3/ 2) .

(3) رواه البخاري (6108) ، مسلم (1646)

(4) رواه أبو داود (3251) ، والترمذي (1535) واللفظ له، وأحمد (2/ 125) (6072) . من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: حديث حسن. وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في (( الأحكام الصغرى ) ) (735) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وأحمد شاكر في (( المسند ) ) (8/ 222) . وقال الألباني في (( صحيح سنن الترمذي ) ): صحيح.

(5) ينظر: (( مشكل الآثار ) )للطحاوي الحنفي (2/ 297 - 299) ، (( مدارج السالكين ) ) (1/ 373) ، (( معطية الأمان من حنث الأيمان ) )لابن العماد الحنبلي (ص: 83 - 84) ، (( فتح المجيد والقول السديد باب فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً ) (( اليمين ) )لسعاد الشايقي (ص: 157 - 158) ، (( فقه الإيمان ) )للدكتور أمير عبد العزيز (ص: 29 - 32) ، (( فقه الإيمان ) )للدكتور محمد عبيدات (ص: 31 - 33) ، (( من أحكام اليمين ) )لناجي الطنطاوي (ص: 22) ، (( فتاوى شيخنا محمد بن عثيمين ) )جمع فهد السليمان (2/ 215 - 221) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام