أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( قلنا: يا رسول الله إذا رأيناك رقت قلوبنا، وكنا من أهل الآخرة، وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا، وشممنا النساء والأولاد قال: لو تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم. قال: قلنا: يا رسول الله, حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: لبنة ذهب، ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران, من يدخلها ينعم لا يبأس، ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه, ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السموات، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) ) [1] .
قوله: (( وملاطها المسك ) )قال في النهاية: (الملاط الطين الذي يجعل بين ساقي البناء يملط به الحائط أي: يخلط. ...
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك ) ) [2] وهو قطعة من حديث المعراج. قوله: (( جنابذ اللؤلؤ ) )بالجيم والنون المفتوحين، ثم ألف، ثم ذال معجمة القباب, وفي (مشارق الأنوار) للقاضي عياض ما نصه: وفي الحديث: (( وإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ) )كذا في كتاب مسلم، وفي البخاري في كتاب الأنبياء [3] من رواية غير المروزي فسروه بالقباب, واحدتها جنبذة بالضم، والجنبذة ما ارتفع من البناء وجاء في البخاري في الصلاة (( حبائل اللؤلؤ ) ), وزعم قوم أنه تصحيف من جنابذ وقال: في حرف الجاء مع الباء (( فيها حبائل اللؤلؤ ) )كذا لجميعهم في البخاري وفي مسلم (( جنابذ اللؤلؤ ) )وهو الصواب وقد جاء في حديث آخر (( حافاته قباب اللؤلؤ ) )والجنابذ جمع جنبذة وهي القبة وقال من ذهب إلى صحة الرواية: إن الحبائل القلائد العقود، أو يكون من حبال الرمل أي: فيها اللؤلؤ كحبال الرمل أي: وهو ما طال منه وضخم، قال: أو من الحبلة وهو ضرب من الحلي معروف.
قال ابن قرقول في (استدراكاته) على القاضي عياض: وهذا كله تخييل ضعيف، بل هو لا شك تصحيف من الكاتب، والحبائل إنما تكون جمع حبالة، أو حبيلة. انتهى.
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه: (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صياد عن تربة الجنة فقال: درمكة بيضاء مسك خالص، فقال صلى الله عليه وسلم: صدق ) ) [4] .
(1) رواه أحمد (2/ 304) (8030) . وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (15/ 189) ، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: صحيح بطرقه وشواهده.
(2) رواه البخاري (3342) ، ومسلم (163) .
(3) (( البخاري ) ) (3342) .
(4) رواه مسلم (2928) .