فهرس الكتاب
الصفحة 3527 من 4009

المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء, وشؤم الحط من أقدارهم

الجناية على العلماء خرق في الدين، فمن ثم قال الطحاوي في (عقيدته) : (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين - أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر - لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء، فهو على غير السبيل) [1] .

قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته) [2] .

وقال أبو سنان الأسدي: (إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟!) [3] .

وقال الإمام أحمد بن الأذرعي: (الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب) [4] .

وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

(كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين) [5] .

والطاعنون في العلماء لا يضرون إلا أنفسهم، وهم يستجلبون لها بفعلتهم الشنيعة أخبث الأوصاف: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11] . وهم من شرار عباد الله؛ بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت ) ) [6] .

وهم مفسدون في الأرض، وقد قال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس: 81] .

وهم عرضة لحرب الله تعالى، القائل في الحديث القدسي: (( من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب ) ) [7] .

وهم متعرضون لاستجابة دعوة العالم المظلوم عليهم، فدعوة المظلوم - ولو كان فاسقاً - ليس بينها وبين الله حجاب، فكيف بدعوة ولي الله الذي قال فيه: (( ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ) ) [8] .

قال الإمام الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: (ما هذا؟! قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة) [9] .

ولما أنكر السلطان على الوزير نظام الملك صرف الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، أجابه:

(أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار) ، فاستصوب فعله، وساعده عليه [10] .

وقيل: إن أولاد يحيى - أي ابن خالد البرمكي - قالوا له وهم في القيود مسجونين: (يا أبة صرنا بعد العز إلى هذا؟!) قال: (يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها) [11] .

(1) (( شرح العقيدة الطحاوية ) )تحقيق الأرناؤوط (2/ 740) .

(2) (( سير أعلام النبلاء ) ) (8/ 408) .

(3) (( ترتيب المدارك ) ) (2/ 14) .

(4) (( الرد الوافر ) ) (ص: 197) .

(5) (( شعب الإيمان للبيهقي ) ) (5/ 316) .

(6) رواه أحمد (4/ 227) (18027) ، والمنذري في (( الترغيب والترهيب ) ) (3/ 325) . وقال: رواه أحمد عن شهر عنه وبقية إسناده محتج بهم في الصحيح، وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (8/ 96) : رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وبقية رجاله رجال الصحيح، وحسنه لغيره الألباني في (( صحيح الترغيب والترهيب ) ).

(7) [12846] )) رواه البخاري (6502) . من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(8) رواه البخاري (6502) . من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(9) (( سير أعلام النبلاء ) ) (14/ 159) .

(10) (( تحفة الطالبين ) ) (115/) و (( المنهاج السوي ) ) (74) .

(11) (( سير أعلام النبلاء ) ) (9/ 90) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام