المبحث الأول: الإسلام
وهذا شرط واجب في كل ولاية إسلامية صغيرة كانت أو كبيرة ومن باب أولى اشتراطها في الولاية العظمى، والأدلة على هذا الشرط كثيرة منها:
أ- قول الله عز وجل: وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء: 141] أي: بأن يسلطوا عليهم في الدنيا [1] ، ومعلوم أن الولاية العظمى هي أعظم سبيل وأقوى تسليط على المحكوم.
ب- ومنها الآيات الدالة على النهي عن تولي الكفار كقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة: 51] . وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [النساء: 144] ومنها قوله تعالى: لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ... [آل عمران: 28] إلى غير ذلك من الآيات الناهية عن تولي الكفار [2] وتوليتهم نوع من التولي المنهي عنه، لذا لا يجوز توليتهم على شيء من أمور المسلمين، ...
جـ- ومن أدلة اشتراط الإسلام في الإمام قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... [النساء: 59] فقوله تعالى مِنكُمْ نصٌّ على اشتراط أن يكون ولي الأمر من المسلمين، ... ومعلوم أن الكافر لا تجب طاعته في شيء أبدًا، بل تجب محاربته ومقاتلته بنص القرآن [3] حتى يسلم أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر إن كان من أهلها.
د- ومن الأدلة على ذلك أيضًا ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( إنا لا نستعين بمشرك ) ) [4] وفي رواية: (( ارجع فلن أستعين بمشرك ) ) [5] للذي تبعه يوم بدر وأراد أن يغزو معه وهو على شركه فإذا ورد النهي عن الاستعانة بالكافر في بعض الأمور فكيف يستعان به على تدبير أمور المسلمين ويولى أمرهم!
(1) [12940] )) (( تفسير ابن كثير ) ) (3/ 388) .
(2) [12941] )) جمع هذه الآيات العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه (( أحكام أهل الذمة ) ) (1/ 238) فليراجعها من شاء.
(3) [12942] )) إشارة إلى قوله تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ *التوبة: 29*. وقوله: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً ... *التوبة: 36*.
(4) [12943] )) رواه أبو داود (2732) ، وابن ماجه (2301) ، وأحمد (6/ 67) (24431) ، وابن حبان (11/ 28) (4726) وسكت عنه أبو داود، واحتج به ابن حزم في (( المحلى ) ) (7/ 335) ، وصححه الألباني في (( صحيح الجامع ) ) (2293) .
(5) [12944] )) رواه مسلم (1817) . من حديث عائشة رضي الله عنها.