ويقول ابن عبد البر عند شرحه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (( اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ) [1] :
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله، الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجداً، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه خشية عليهم امتثال طرقهم) [2] .
ويقول القاضي عياض: (وكذلك نكفر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر ... كالسجود للصنم، وللشمس، والقمر، والصليب، والنار) [3] .
ويقول النووي: (اعلم أن الذبح للمعبود وباسمه، نازلة منزلة السجود له، وكل واحد منهما نوع من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان، أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة، لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفراً، كمن سجد لغيره سجدة عبادة) [4] .
ويقول أيضاً: (والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح كالسجود للصنم، أو الشمس ... ) [5] .
ولما أورد الرملي [6] أنواع الردة ... كان مما قاله: (السجود لصنم أو شمس، أو مخلوق آخر؛ لأنه أثبت لله شريكاً، نعم إن دلت قرينة قوية على عدم دلالة الفعل على الاستخفاف كسجود أسير في دار الحرب بحضرة كافر خشية منه فلا كفر - إلى أن قال - وإن قصد تعظيم مخلوق بالركوع كما يعظم الله به فلا فرق بينهما في الكفر حينئذ) [7] .
ويقول البربهاري: (ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يردَّ آية من كتاب الله عز وجل، أو يردَّ شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي لغير الله، أو يذبح لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام) [8] .
(1) رواه مالك (1/ 172) من حديث عطاء بن يسار, وابن أبي شيبة في (( المصنف ) ) (2/ 150) من حديث زيد ابن أسلم, قال ابن عبد البر في (( الاستذكار ) ) (2/ 347) : روي متصلا مسنداً, وقال في (( التمهيد ) ) (5/ 41) : مرسل غريب وهو صحيح, وقال ابن حجر في (( هداية الرواة ) ) (1/ 349) : مرسل, وصححه الألباني في (( مشكاة المصابيح ) ) (1/ 165) وقال: رواه مالك مرسلا. وروى أحمد (2/ 246) (7352) والحميدي (2/ 445) من حديث أبي هريرة بنحوه.
(2) (( التمهيد ) ) (5/ 45)
(3) (( الشفا ) ) (2/ 1072)
(4) (( روضة الطالبين ) ) (3/ 205، 206) وانظر (1/ 326)
(5) (( روضة الطالبين ) ) (10/ 64) ، وانظر (( مغني المحتاج ) )للشربيني (4/ 136) .
(6) محمد بن أحمد بن حمزة الرملي المصري الشافعي، تولى إفتاء الشافعية بمصر، وصنف شروحاً وحواشي كثيرة، توفي سنة 1004 هـ انظر (( الأعلام ) ) (6/ 7) ، و (( معجم المؤلفين ) ) (8/ 255) .
(7) (( نهاية المحتاج ) ) (7/ 417) ، وانظر (( قليوبي وعميرة ) ) (4/ 176) ، و (( تنبيه الغافلين ) )لابن النحاس (ص 403) ، و (( الإعلام ) )لابن حجر الهيتمي (ص: 348) .
(8) (( شرح السنة ) )للبربهاري (ص: 31) .