ونوع: يعذر فيه وهو ما لم يكن سببه منه كما في قوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] وقد جاء في الحديث أن الله تعالى قال: (فعلت) [1] .
والمسلم مطالب بمجاهدة نفسه وإبعادها عن الوقوع فيه، حتى لا يتضرر في دينه وإيمانه.
ثالثاً - فعل المعاصي وارتكاب الذنوب:
فإن هذا لا يخفى ما به من الضرر وسوء الأثر على الإيمان، فالإيمان كما قال غير واحد من السلف: (يزيد بالطاعة، وينقص بالمعاصي) ، فكما أن فعل ما أمر الله به من واجب ومندوب يزيد في الإيمان، فكذلك فعل ما نهى الله عنه من محرم ومكروه ينقص الإيمان، إلا أن الذنوب متفاوتة في درجاتها ومفاسدها وشدة ضررها تفاوتاً عظيماً، كما قال ابن القيم رحمه الله: (ولا ريب أن الكفر والفسوق والمعاصي درجات، كما أن الإيمان والعمل الصالح درجات، كما قال تعالى: هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللهِ واللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [آل عمران: 163] ، وقال: وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 132] ، وقال: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة: 37] ، وقال: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 124 - 125] ، ونظائره في القرآن كثير) [2] .
وقد دلّ القرآن والسنة على أن من الذنوب كبائر وصغائر، قال تعالى: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا [النساء: 31] ، وقال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ [النجم: 32] .
وفي صحيح مسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) ) [3] .
وفي الصحيحين: عن عبدالرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور ) ) [4] .
وفيهما عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: (( أن تدعو لله ندا وهو خلقك، قيل ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قيل ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك ) ) [5]
رابعا - النفس الأمارة بالسوء:
(1) رواه مسلم (345) من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
(2) (( إغاثة اللهفان ) ) (2/ 142) .
(3) رواه مسلم (574) .
(4) رواه البخاري (2511) ، ومسلم (269) .
(5) رواه البخاري (6468) ، ومسلم (268) . من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.