ويذكر السيوطي حديثاً يعزوه إلى البيهقي في رفع القول الأول إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن السيوطي بعد أن ذكر تلك الأقوال السابقة أورد الحديث الآتي:
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب فسألناه عن ثوابهم فقال: على الأعراف وليسوا في الجنة مع أمة محمد، فسألناه: وما الأعراف؟ قال: حائط الجنة تجري فيه الأنهار، وتنبت فيه الأشجار والثمار ) ) [1] ..
وفي هذا القول - أي بأنهم مؤمنو الجن - يقول محمد رشيد رضا:
(وروي ابن عساكر فيه حديثاً مرفوعاً عن أنس بن مالك من طريق الوليد بن موسى الدمشقي، وهو منكر الحديث في أعدل الأقوال، ورماه بعضهم بالوضع) [2] .
أما القول بأنهم قوم عليهم ديون فهو ما يعزى إلى مسلم بن يسار، قال قتادة: (وقال مسلم بن يسار: قوم كان عليهم دين) [3] .
ومنها القول بأن أصحاب الأعراف هم:
16 -أهل الفترة.
17 -هم أولاد المشركين الذين ماتوا قبل سن التكليف.
18 -هم أهل العجب بأنفسهم، ويعزى هذا القول إلى الحسن [4] .
19 -هم آخر من يفصل الله بينهم، وهم عتقاؤه من النار) [5] .
وإذا علمنا ذلك الاختلاف الكثير والمتباين في بعض الأقوال، فإن قول الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله، في اختلاف عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف وتعيينهم: (وكلها - كما يقول - قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم) [6] - فيه نظر: فإن هذا المعنى الذي ذكره إنما هو قول من تلك الأقوال المتقدمة التي بينها غاية التباعد والتباين. الحياة الآخرة لغالب عواجي-2/ 1377
(1) رواه البيهقي في (( البعث والنشور ) ) (100) . قال الذهبي في (( سير أعلام النبلاء ) ) (17/ 8) : منكر جدا. وقال الألباني في (( السلسلة الضعيفة ) ) (6113) : موضوع.
(2) (( تفسير المنار ) ) (8/ 432) .
(3) (( تفسير ابن أبي حاتم ) ) (8531) .
(4) (( الدر المنثور ) ) (3/ 89) .
(5) (( تفسير المنار ) ) (8/ 432) .
(6) (( تفسير ابن كثير ) ) (2/ 216) .