فهرس الكتاب
الصفحة 1877 من 4009

فيقال لأمته: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: مَنْ يشهد لك؟ فيقول: محمدٌ صلى الله عليه وسلم وأمته. فتشهدون أنَّه قد بلَّغ، ويكون الرسولُ عليكم شهيداً، فذلك قوله جل ذكره وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] )) . والوسط: العدل [1] . ورواه أحمدٌ وأصحاب (السنن) . ورواه الإمام أحمد أيضاً بلفظ (( يجيء النبيُّ يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرَّجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا. فيقال له: هل بلَّغت قومك؟ فيقول: نعم. فيقال: مَنْ يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقال لهم: هل بلَّغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم. فيقال: وما عِلْمُكم؟ فيقولون جاءنا نبينا صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا. فذلك قوله عز وجل وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا قال عدلاً: لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143] [2] ) . وفي (الصحيحين) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (( قال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليَّ. فقلتُ: يا رسولَ الله أقرأ عليك وعليك أُنزِل؟ قال: نعم، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أسمعه من غيري. فقرأتُ سورةَ النِّساء حتى أتيت هذه الآية فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا [النساء:41] فقال: حَسْبُك الآن. فإذا عيناه تذرفان ) ) [3] . قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ أي: كتاب الأعمال الذي فيه الجليل والحقير والفتيل والقطمير والصغير والكبير فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ [الكهف:49] أي: من أعمالهم السيئة وأفعالهم القبيحة وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا أي: يا حسرتنا وويلنا على ما فرطنا في أعمالنا، مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا [الكهف:49] أي: لا يترك ذنباً صغيراً ولا كبيراً ولا عملاً وإن صغر إلا أحصاها أي ضبطها وحفظها. وروى البغوي بإسناده عن سهل بن سعد قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (( إِيَّاكُم ومُحقِّرات الذُّنوب، فإِنَّما مثل محقِّرات الذنوب مثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء هذا بعودٍ وجاء هذا بعودٍ وجاء هذا بعودٍ فأنضجوا خبزتهم، وإِنَّ محقِّرات الذنوب لموبقات ) ) [4] .

(1) رواه البخاري (4487) .

(2) رواه ابن ماجه (4284) ، وأحمد (3/ 58) (11575) واللفظ له. قال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) ) (2448) ، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لـ (( مسند أحمد ) ): وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

(3) رواه البخاري (5050) ، ومسلم (800) .

(4) رواه البغوي في (( تفسيره ) ) (5/ 177) . والحديث رواه أحمد (5/ 331) (22860) ، والطبراني (6/ 165) بلفظ: (متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) بدلاً من (لموبقات) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (10/ 190) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الثلاثة من طريقين ورجال إحداهما رجال (الصحيح) غير عبد الوهاب بن عبد الحكم وهو ثقة. وقال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) ) (389) : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو عند أحمد ثلاثي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام