فهرس الكتاب
الصفحة 1059 من 4009

4 -الذبح تقرباً إلى مخلوق, وتعظيماً له, وخضوعاً له، فهذه عبادة - كما سبق - ولا يجوز التقرب به إلى غير الله [1] ، فمن ذبح تقرباً إلى مخلوق وتعظيماً له فقد وقع في الشرك الأكبر وذبيحته محرمة لا يجوز أكلها، سواء أكان هذا المخلوق من الإنس أم من الجن أم من الملائكة أم كان قبراً، أم غيره، وقد حكى نظام الدين الشافعي النيسابوري المتوفى سنة 406هـ إجماع العلماء على ذلك.

قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ [الأنعام: 162، 163] ، وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2] ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لعن الله من ذبح لغير الله ) ). رواه مسلم [2] .

ز- الشرك في النذر, والزكاة, والصدقة:

النذر هو: إلزام مكلف مختار نفسه عبادة الله تعالى غير واجبة عليه بأصل الشرع [3] .

كأن يقول: لله علي نذر أو أفعل كذا، أو لله علي أن أصلي أو أصوم كذا، أو أتصدق بكذا، أو ما أشبه ذلك.

والنذر عبادة من العبادات، لا يجوز أن يصرف لغير الله تعالى، فمن نذر لمخلوق كأن يقول: لفلان علي نذر أن أصوم يوماً، أو لقبر فلان علي أن أتصدق بكذا، أو إن شفي مريضي أو جاء غائبي للشيخ فلان علي أن أتصدق بكذا، أو لقبره علي أن أتصدق بكذا، فقد أجمع أهل العلم على أن نذره محرم وباطل [4] ، وعلى أن من فعل ذلك قد أشرك بالله تعالى الشرك الأكبر المخرج من الملة [5] ، لأنه صرف عبادة النذر لغير الله، ولأنه يعتقد أن الميت ينفع ويضر من دون الله، وهذا كله شرك [6] .

(1) ينظر (( الأشباه والنظائر ) )للسيوطي mm المبحث الثالث فيما شرعت النية لأجله (ص: 12) ، (( شرح مسلم للنووي ) ) (13/ 141) ، (( الأشباه والنظائر ) )لابن نجيم: (( قاعدة الأمور بمقاصدها ) ) (ص: 29) ، (( حاشية ابن عابدين ) ): (( كتاب الذبائح ) ) (5/ 196، 197) ، (( شرح الأصول الستة ) )للشيخ ابن عثيمين (ص: 27، 28) ، وينظر في (( أنواع الذبائح المباحة ) ) (( الفتح ) ): (الأطعمة ) ) باب حق إجابة الوليمة، و (( الروض مع حاشية ) )لابن قاسم: (( النكاح ) ) (باب الوليمة) .

(3) (( التوضيح عن توحيد الخلاق ) ) (ص: 280) ، وينظر: (( المقنع والشرح الكبير والإنصاف ) ) (باب النذر) (28/ 128) . قال في الشرح الكبير: (فيقول: لله علي أن أفعل كذا، وإن قال: علي نذر كذا. لزمه أيضاً، لأنه صرح بلفظ النذر) . وقال في (( التعريفات ) ) (ص: 308) في تعريفه: (إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيماً لله تعالى) . وقال في (( كشاف القناع ) ) (6/ 273) : (لا تعتبر له صيغة بحيث لا ينعقد إلا بها، بل ينعقد بكل ما أدى معناه، كالبيع) .

(4) (( مجموع الفتاوى ) ) (1/ 286، 31/ 11، 27، 35/ 354) ، (( منهاج السنة ) ) (2/ 440) ، (( كشاف القناع ) ) (6/ 276) . وينظر (( الدر المختار ) )للحصكفي الحنفي مع حاشيته لابن عابدين آخر كتاب (( الصيام ) ) (2/ 128) ، و (( البحر الرائق ) )لابن نجيم الحنفي (2/ 320) نقلاً عن الشيخ قاسم بن قطلوبغا الحنفي، ونقل حكاية هذا الإجماع أيضا جمع من علماء الحنفية، وكذلك نقل جماعة من الحنفية الإجماع على أنه لا يجوز الوفاء به. ينظر رسالة (( جهود علماء الحنفية ) ) (ص: 1550 - 1552) .

(5) ينظر: (( مجموع الفتاوى ) ) (1/ 286) ، (( التوضيح عن توحيد الخلائق ) ) (ص: 282) ، (( الدين الخالص ) ) (1/ 183، 2/ 60) ، (( سيف الله ) )لصنع الله الحنفي (ص: 69) ، (( السنن والمبتدعات ) )للشقيري المصري (ص: 74 - 76) .

(6) (( حاشية ابن عابدين آخر كتاب الصيام ) ) (2/ 128) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام