فهرس الكتاب
الصفحة 1038 من 4009

وفي حديث سلمة بن يزيد الجعفي - رضي الله عنه - قال: انطلقت أنا وأخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلنا: يا رسول الله، إن أمنا مليكة كانت تصل الرحم وتقري الضيف وتفعل وتفعل، هلكت في الجاهلية فهل ذلك نافعها شيئاً؟ قال: (( لا ) ) [1] .

وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وديوان لايغفره الله، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله، قال الله عز وجل: مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ [المائدة: 72] ... ) ) [2] .

ومثله ما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم, ويطعم المساكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: (( لا يا عائشة، إنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) ) [3] .

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، نكتفي منها بهذا القدر.

وأما الإجماع: فقد نقل غير واحد من العلماء إجماع الأمة على أن المشرك يخلد في النار.

وأما أقوال السلف في ذلك: فهي كثيرة، منها:

أ- قال الإمام أحمد بن حنبل: (ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها ... ) [4] .

ب- قد عقد الإمام البخاري لذلك باباً في صحيحه، فقال: (باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك) [5] .

ج- وقال العلامة ابن جرير - رحمه الله - حول قوله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65] : (ومعنى الكلام: ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وإلى الذين من قبلك، بمعنى وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك، مثل الذي أوحي إليك منه، فاحذر أن تشرك بالله شيئاً فتهلك، ومعنى قوله: ولتكونن من الهالكين بالإشراك بالله إن أشركت به شيئاً) [6] .

د- قال القرطبي: تعليقاً على حديث: (( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ) ) [7] : إن من مات على الشرك لا يدخل الجنة, ولا يناله من الله رحمة, ويخلد في النار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد [8] .

هـ- قال النووي: (أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي - اليهودي والنصراني -، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة، ولا بين من خالف ملة الإسلام, وبين من انتسب إليها ثم حكم بكفره بجحده ما يكفر بجحده غير ذلك) [9] .

(1) رواه أحمد (3/ 478) (15965) ، والنسائي في (( السنن الكبرى ) ) (11649) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (1/ 317) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: رجاله ثقات.

(2) رواه أحمد (6/ 240) (26073) ، والحاكم (4/ 619) . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في (( التلخيص ) ): صدقة ضعفوه وابن بابنوس فيه جهالة. وقال أحمد شاكر في (( المسند ) ) (1/ 520) : إسناده صحيح. وقال الألباني في (( ضعيف الجامع ) ) (3022) : ضعيف.

(3) رواه مسلم (214) .

(4) ابن أبي يعلى: (( طبقات الحنابلة ) ) (1/ 343) .

(5) (( الإمام البخاري في صحيحه ) ) (1/ 48) .

(6) ابن جرير الطبري: (( جامع البيان ) ) (23/ 24) .

(7) رواه مسلم (93) . من حديث جابر رضي الله عنه.

(8) نقله الشيخ عبد الرحمن بن حسن في (( فتح المجيد ) ) (1/ 99) ، وهو في (( المفهم ) )للقرطبي (1/ 290) .

(9) (( شرح مسلم للنووي ) ) (2/ 97) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام