المطلب الأول: تعريف الشرك لغةً
جاء في (معجم مقاييس اللغة) لابن فارس:(مادة الشرك المكونة من حرف الشين والراء والكاف أصلان:
أحدهما: يدل على مقارنة وخلاف انفراد.
والآخر: يدل على امتداد واستقامة) [1] .
أما الأول: فهو الشرك، بالتخفيف أي بإسكان الراء، أغلب في الاستعمال، يكون مصدرا واسما، تقول: شاركته في الأمر وشركته فيه أشركه شركاً، بكسر الأول وسكون الثاني، ويأتي: شركة، بفتح الأول وكسر الثاني فيها. ويقال: أشركته: أي جعلته شريكاً [2] .
فهذه اشتقاقات لفظ الشرك في اللغة على الأصل الأول.
ويطلق حينئذ على المعاني الآتية:
1 -المحافظة، والمصاحبة، والمشاركة.
قال ابن منظور: (الشَّركة والشَّرِكة سواء؛ مخالطة الشريكين، يقال: اشتركنا بمعنى تشاركنا، وقد اشترك الرجلان وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر والشريك: المشارك، والشرك كالشريك، والجمع أشراك وشركاء) [3] .
قال ابن فارس: (الشركة هو أن يكون الشيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، ويقال: شاركت فلاناً في الشيء، إذا صرت شريكه، وأشركت فلاناً، إذا جعلته شريكاً لك) ، قال تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام: وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 32] ،. قال الراغب: (الشركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: هو أن يوجد شيء لاثنين فصاعداً عيناً كان ذلك الشيء أو معنى، كمشاركة الإنسان والفرس في الحيوانية) [4] .
2 -ويطلق أيضاً على النصيب والحظ والحصة.
قال الأزهري: (يقال: شريك وأشراك، كما قالوا: يتيم وأيتام، ونصير وأنصار، والأشراك أيضاً جمع الشرك وهو النصيب، كما قال: قسم وأقسام) [5] ، وقد ذكر هذا المعنى كل من الزبيدي [6] وابن منظور [7] ، ومنه الحديث: (( من أعتق شركاً له في عبد ) ) [8] أي حصة ونصيباً [9] .
3 -ويطلق أيضاً على التسوية: قال ابن منظور: (يقال: طريق مشترك: أي يستوي فيه الناس، واسم مشترك: تستوي فيه معاني كثيرة) [10] .
4 -ويطلق على الكفر أيضاً، قال الزبيدي: (والشرك أيضاً: الكفر) [11] .
وأما الأصل الثاني: وهو الذي يدل على الامتداد والاستقامة، فأيضاً يطلق على معان:
1 -الشِرَاك ككتاب، سير النعل على ظهر القدم، يقال: أشركت نعلي وشركتها تشريكاً: إذا جعلت لها الشراك [12] .
(1) (( معجم مقاييس اللغة ) ) (3/ 265) ، مادة (شرك) .
(2) انظر ما ذكره الجوهري (( الصحاح ) ) (4/ 1593 - 1594) ، مادة (شرك) والفيومي المقري: (( المصباح المنير ) ) (1/ 474 - 475) .
(3) (( لسان العرب ) ) (7/ 99) ، وما بعدها، مادة (شرك) ، وانظر ما ذكره الزبيدي في (( تاج العروس ) ) (7/ 148) ، والأزهري في (( تهذيب اللغة ) ) (10/ 17) ، والجوهري (4/ 1593 - 1594) ، مادة (شرك) .
(4) انظر قول الراغب في (( المفردات ) ) (ص: 259) .
(5) (( تهذيب اللغة ) ) (10/ 17) مادة (شرك) .
(6) الزبيدي في (( تاج العروس ) ) (7/ 148) مادة (شرك) .
(7) ابن منظور في (( لسان العرب ) ) (7/ 99، 100) مادة (شرك) .
(8) رواه البخاري (2522) ، ومسلم (1501) . من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(9) انظر ما ذكره ابن منظور في (( لسان العرب ) ) (7/ 99) .
(10) انظر ما ذكره ابن منظور في (( لسان العرب ) ) (7/ 99، 100) ، وانظر ما ذكره الزمخشري في (( أساس البلاغة ) ) (1/ 489) .
(11) انظر ما ذكره الزبيدي في (( تاج العروس ) ) (7/ 148) مادة: (شرك) .
(12) انظر ما ذكره الأزهري في (( تهذيب اللغة ) ) (10/ 18) ، والزبيدي في (( تاج العروس ) ) (7/ 149،) والفيومي في (( المصباح المنير ) ) (1/ 474) ، وابن منظور في (( لسان العرب ) ) (7/ 99) ، والجوهري في (( الصحاح ) ) (4/ 1593، 1594) في مادة (شرك) .