ونقل الحافظ في الفتح عن المبرد أن موضع ذي الخلصة (وهو صنم دوس في الجاهلية) صار مسجداً جامعاً لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم [1] ا. هـ.
وفي إنباء العمر (في حوادث سنة ثمانين وسبعمائة) قال: الحافظ -رحمه الله-: (وفيها توجه شخص من أهل الصلاح يقال له: عبد الله الزيلعي إلى الجيزة، فبات بقرب أبو النمرس، فسمع حس الناقوس، فسأل عنه، فقيل له: إن بها كنيسة يعمل فيها ذلك كل ليلة؛ حتى ليلة الجمعة، وفي يومها والخطيب يخطب على المنبر فسعى عند جمال الدين المحتسب في هدمها فقام في ذلك قياماً تاماً إلى أن هدمها وصيرها مسجداً) [2] ا. هـ.
ومما يحسن ذكره من الوقائع في هذا الجانب أن داراً تقع على النيل في مصر يجري فيها ألوان المنكرات حتى عرفت بدار الفاسقين، فاشتراها الأمير عز الدين ايدمر الخطيري وهدمها وبني مكانها جامعاً في سنة 737هـ وسماه جامع التوبة [3] .
وقد نقلت لك فيما سبق شيئاً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتعلق بهذه المسألة فلأهميته أورد بعضه هنا فيقول:( .. إذا كان في البدعة من الخير فعوض عنه من الخير المشروع بحسب الإمكان، إذ النفوس لا تترك شيئاً إلا بشيء، ولا ينبغي لأحد أن يترك خيراً إلا إلى مثله أو إلى خير منه ..
وكثير من المنكرين لبدع العبادات والعادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك، أو الأمر به .. بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغنى عنه كما يؤمر بعبادة الله سبحانه وتعالى، وينهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله والنفوس خلقت لتعمل لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره، فإن لم يشتغل بعمل صالح وإلا لم يترك العمل السيء أو الناقص .. ) [4] ا. هـ. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخالد بن عثمان السبت - ص: 254
(1) (( الفتح ) ) (8/ 71) .
(2) (( إنباء الغمر ) ) (1/ 271) .
(3) (( الخطط ) )للمقريزي (2/ 312) ، (( إنباء الغمر ) ) (هامش) (4/ 45) .
(4) (( اقتضاء الصراط المستقيم ) ) (2/ 616 - 617) .