فهرس الكتاب
الصفحة 3612 من 4009

مجموع الفتاوى لابن تيمية 23/ 352 - 355

ثانيا: الصلاة خلف المستور

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يصلون الجمع والأعياد والجماعات لا يدعون الجمعة والجماعة كما فعل أهل البدع من الرافضة وغيرهم فإن كان الإمام مستورا لم يظهر منه بدعة ولا فجور صلى خلفه الجمعة والجماعة باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين [1] ولم يقل أحد من الأئمة إنه لا تجوز الصلاة إلا خلف من علم باطن أمره بل ما زال المسلمون من بعد نبيهم يصلون خلف المسلم المستور ولكن إذا ظهر من المصلي بدعة أو فجور وأمكن الصلاة خلف من يعلم أنه مبتدع أو فاسق مع إمكان الصلاة خلف غيره فأكثر أهل العلم يصححون صلاة المأموم وهذا مذهب الشافعي [2] وأبي حنيفة [3] وهو أحد القولين في مذهب مالك [4] وأحمد [5] . وأما إذا لم يمكن الصلاة إلا خلف المبتدع أو الفاجر كالجمعة التي إمامها مبتدع أو فاجر وليس هناك جمعة أخرى فهذه تصلى خلف المبتدع والفاجر عند عامة أهل السنة والجماعة. وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة أهل السنة بلا خلاف عندهم [6] . وكان بعض الناس إذا كثرت الأهواء يحب أن لا يصلي إلا خلف من يعرفه على سبيل الاستحباب كما نقل ذلك عن أحمد أنه ذكر ذلك لمن سأله. ولم يقل أحمد إنه لا تصح إلا خلف من أعرف حاله.

ولما قدم أبو عمرو عثمان بن مرزوق إلى ديار مصر وكان ملوكها في ذلك الزمان مظهرين للتشيع وكانوا باطنية ملاحدة وكان بسبب ذلك قد كثرت البدع وظهرت بالديار المصرية - أمر أصحابه أن لا يصلوا إلا خلف من يعرفونه لأجل ذلك ثم بعد موته فتحها ملوك السنة مثل صلاح الدين وظهرت فيها كلمة السنة المخالفة للرافضة ثم صار العلم والسنة يكثر بها ويظهر. فالصلاة خلف المستور جائزة باتفاق علماء المسلمين ومن قال إن الصلاة محرمة أو باطلة خلف من لا يعرف حاله فقد خالف إجماع أهل السنة والجماعة [7] ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون خلف من يعرفون فجوره كما صلى عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط [8] وكان قد يشرب الخمر وصلى مرة الصبح أربعاً وجلده عثمان بن عفان على ذلك [9] . وكان عبد الله بن عمر وغيره من الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف [10] . وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن أبي عبيد [11] وكان متهماً بالإلحاد وداعيا إلى الضلال. مجموع الفتاوى لابن تيمية - 3/ 280 - 281

وقال: ويجوز للرجل أن يصلي الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين. وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ولا أن يمتحنه فيقول: ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف مستور الحال. مجموع الفتاوى لابن تيمية - 23/ 351

(1) [13351] )) (( المجموع ) ) (4/ 251) ، (( المغني ) ) (2/ 149) .

(2) [13352] )) (( روضة الطالبين ) )للنووي (1/ 459) ، (( المجموع ) )للنووي (4/ 251 - 254) ، (( أسنى المطالب ) )لأبي يحيى زكريا الأنصاري (1/ 219) ، (( مغني المحتاج ) )للشربيني الخطيب (1/ 242) .

(3) [13353] )) (( بدائع الصنائع ) )للكاساني (1/ 157) ، (( شرح فتح القدير ) )للكمال بن الهمام (1/ 350) ، (( البحر الرائق ) )لابن نجيم (1/ 370) .

(4) [13354] )) (( الذخيرة ) )للقرافي (2/ 240) ، (( التاج والإكليل ) )للمواق (2/ 129) ، (( الفواكه الدواني ) )للنفراوي (1/ 515) .

(5) [13355] )) (( المغني ) )لابن قدامة (2/ 22) ، (( الفروع ) )لابن مفلح (2/ 13) ، (( الإنصاف ) )للمرداوي (2/ 253) ، (( كشاف القناع ) )للبهوتي (1/ 296) .

(6) [13356] )) (( المحيط البرهاني ) )لبرهان الدين مازه (2/ 102) ، (( شرح فتح القدير ) )للكمال بن الهمام (1/ 350) ، (( البحر الرائق ) )لابن نجيم (1/ 370) ، (( المجموع ) ) (4/ 251) ، (( المغني ) ) (2/ 149) ، (( الإنصاف ) )للمرداوي (2/ 254 - 256) ،

(7) [13357] )) (( المجموع ) ) (4/ 251) ، (( المغني ) ) (2/ 149) .

(8) [13358] )) الحديث رواه أحمد (1/ 450) (4298) ، والطبراني (9/ 299) (9520) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (1/ 329) : رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (6/ 146) .

(9) [13359] )) رواه أحمد (1/ 144) (1229) ، والبيهقي (8/ 318) (17985) . قال شعيب الأرناؤوط محقق (( المسند ) ): إسناده صحيح على شرط مسلم.

(10) [13360] )) رواه ابن أبي شيبة (4/ 340) . وصححه الألباني في (( إرواء الغليل ) ) (525) .

(11) [13361] )) رواه ابن أبي شيبة (2/ 55) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام