فهرس الكتاب
الصفحة 3585 من 4009

والذي يدلّ على ما سبق ذكره من وجوب مباشرة الإمام بنفسه وعدم الاحتجاب عن رعيته والنصح لهم ما رواه أبو داود بإسناد إلى أبي مريم الأزدي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( من ولاَّه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخُلَّتِهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره ) ) [1] . واختلف في مشروعية الحاجب للحكام ... [2]

رابعًا: الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم:

كما أن من واجبه أيضًا الرفق بهذه الرعية التي استرعاه الله أمرها، والنصح لهم، وعدم تتبع سوءاتهم وعوراتهم، وقد ورد في هذا الواجب أحاديث وآثار كثيرة منها:

ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: (( اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به ) ) [3] .

قال النووي: (هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس، وأعظم الحثِّ على الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى) [4] .

ومنها ما رواه البخاري بسنده إلى الحسن قال: إن عبيد الله بن زياد زار مَعْقِل بن يسار في مرضه الذي مات فيه، فقال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( ما من عبد يسترعيه الله رعية من المسلمين فيموت وهو غاشّ لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة ) ) [5] . وعند مسلم قال - صلى الله عليه وسلم: (( ما من عبد يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل الجنة معهم ) ) [6] .

وعن الحسن أن عائذ بن عمرو كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( إن شرَّ الرّعاء الحُطَمَةَ [7] ، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم ) ) [8] .

ومنها ما رواه أبو داود بسنده عن أبي أمامة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إذا ابتغى الأمير الرِّيبة في الناس أفسدهم ) ) [9] .

(1) [13187] )) رواه أبو داود (2048) ، والبيهقي (10/ 101) (20045) . والحديث سكت عنه أبو داود، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في (( الأحكام الصغرى ) ) (487) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال ابن الملقن في (( البدر المنير ) ) (9/ 567) : رجال إسناده كلهم ثقات.

(2) [13188] )) فمنهم من أجازه ومنهم من معه. انظر: (( تكملة المجموع ) )لمحمد نجيب المطيعي (20/ 132) ، و (( المغني ) )لابن قدامة (11/ 387) .

(3) [13189] )) رواه مسلم (1828) .

(4) [13190] )) (( شرح صحيح مسلم ) )للنووي (12/ 213) .

(5) [13191] )) رواه البخاري (7150) ، ورواه مسلم (142) واللفظ له.

(6) [13192] )) رواه مسلم (142) بلفظ: (( ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة ) ).

(7) [13193] )) الحُطمة: العنيف المتعسف قليل الرحمة. انظر: (( لسان العرب ) ) (12/ 139) مادة (حطم) .

(8) [13194] )) رواه مسلم (1830) .

(9) [13195] )) رواه أبو داود (4889) ، وأحمد (6/ 4) (23866) ، والحاكم (4/ 419) . والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه ابن حجر في (( تخريج مشكاة المصابيح ) ) (3/ 469) كما قال ذلك في المقدمة، وصححه لغيره الألباني في (( صحيح سنن أبي داود ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام