كما يفسر الأستاذ محمد المبارك رحمه الله سبب اختيار هذه الألفاظ (الإمام، والخليفة، وأمير المؤمنين) بأنه: ابتعاد بالمفهوم الإسلامي للدولة ورياستها عن النظام الملكي بمفهومه القديم عند الأمم الأخرى من الفرس والرومان المختلف اختلافًا أساسيًا عن المفهوم الإسلامي الجديد) [1] .
هذا وقد كان الخلفاء الأُوَّل يلقبون بالخلفاء كما يلقبون بالأئمة، ومنذ خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه استعمل المسلمون لقب (أمير المؤمنين) فيذكر ابن سعد في طبقاته: أنه لما مات أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكان يُدْعَى خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل لعمر: خليفة خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال المسلمون: من جاء بعد عمر قيل له: خليفة خليفة خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطول هذا، ولكن اجتمعوا على اسم تدعون به الخليفة، يدعى به من بعده من الخلفاء، قال بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم: نحن المؤمنون وعمر أميرنا، فدعي عمر (أمير المؤمنين) فهو أول من سمي بذلك [2] .
وروي أن لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم رضي الله عنهما لما قدما من المدينة، قالا لعمرو بن العاص: استأذن لنا يا عمرو أمير المؤمنين، فقال: أنتما والله أصبتما اسمه، فهو الأمير ونحن المؤمنون، فدخل عمرو على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا؟ فقال: أنت الأمير، ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب من يومئذ [3] . وقيل في سببها غير ذلك [4]
أما لفظ الأمير بإطلاق فقد كان مستعملاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن لم يكن مقصورًا على الخليفة، وإنما يسمى به أمراء الجيوش والأقاليم والمدن ونحو ذلك، وقد ورد في الحديث: (( من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني ) ) [5] . الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي - ص: 32
(1) [12892] )) (( نظام الإسلام الحكم والدولة ) ) (ص: 61) .
(2) [12893] )) (( الطبقات الكبرى ) )لابن سعد (3/ 281) .
(3) [12894] )) رواه الطبراني (1/ 64) ، والحاكم (3/ 87) ، والبخاري في (( الأدب المفرد) (ص: 780) . قال الذهبي في (( التلخيص ) ): صحيح، وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (9/ 64) : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده الألباني في (( الأدب المفرد ) ).
(4) [12895] )) انظر: (( مناقب عمر بن الخطاب ) )لابن الجوزي (ص: 59) .
(5) رواه البخاري (7137) ، ومسلم (1835) . من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.