فهرس الكتاب
الصفحة 3333 من 4009

(12) قال أبو بكر بن الطيب الباقلاني: (ويجب أن يعلم: أن ما جرى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم من المشاجرة نكف عنه ونترحم على الجميع ونثني عليهم ونسأل الله تعالى لهم الرضوان والأمان والفوز والجنان ونعتقد أن علياً عليه السلام أصاب فيما فعل وله أجران، وأن الصحابة رضي الله عنهم إن ما صدر منهم كان باجتهاد فلهم الأجر ولا يفسقون ولا يبدعون والدليل عليه قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 18] وقوله صلى الله عليه وسلم:(( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ) ) [1] فإذا كان الحاكم في وقتنا له أجران على اجتهاده فما ظنك باجتهاد من رضي الله عنهم ورضوا عنه، ويدل على صحة هذا القول: قوله صلى الله عليه وسلم للحسن عليه السلام: (( إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) ) [2] فأثبت العظم لكل واحدة من الطائفتين وحكم لهم بصحة الإسلام وقد وعد الله هؤلاء القوم بنزع الغل من صدورهم بقوله تعالى: وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ [الحجر: 47] ) إلى أن قال: (ويجب الكف عن ذكر ما شجر بينهم والسكوت عنه) اهـ) [3] .

(13) وقال أبو عثمان الصابوني في صدد ذكره لعرض عقيدة السلف وأصحاب الحديث: (ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم) [4] .

(14) وقال أبو الوليد بن رشد المالكي: (كلهم محمود على ما فعله، القاتل منهم والمقتول في الجنة فهذا الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده فيما شجر بينهم لأن الله تعالى قد أثنى عليهم في كتابه وعلى لسان رسوله فقال عز من قائل: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] وقال: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] أي: خياراً عدولاً ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( عشرة من قريش في الجنة ) ) [5] فسمى فيهم علياً وطلحة والزبير والذي يقول أئمة أهل السنة والحق: إن علياً رضي الله عنه ومن اتبعه كانوا على الصواب والحق، وإن طلحة والزبير كانا على الخطأ إلا أنهما رأيا ذلك باجتهادهما فكان فرضهما ما فعلاه إذ هما من أهل الاجتهاد ... ) إلى أن قال: (والذي قلناه من أنهم اجتهدوا فأصاب علي وأخطأ طلحة والزبير هو الصحيح الذي يلزم اعتقاده فلعلي أجران لموافقته الحق باجتهاده ولطلحة والزبير أجر لاجتهادهما وبالله التوفيق) [6] .

(1) رواه البخاري (7352) .

(2) رواه البخاري (2704) .

(3) (( الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به ) ) (ص: 67 - 69) .

(4) (( عقيدة السلف وأصحاب الحديث ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ) ) (1/ 129) .

(5) رواه الطبراني في (( المعجم الأوسط ) ) (3/ 351) ، والخطيب البغدادي في (( تاريخ بغداد ) ) (4/ 97) ، وابن عساكر في (( تاريخ دمشق ) ) (7/ 118) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (9/ 224) : رواه الطبراني في الثلاثة رجاله رجال الصحيح غير حامد بن يحيى البلخي وهو ثقة، ولهذا الحديث طرق في مناقب جماعة من الصحابة.

(6) (( البيان والتحصيل ) ) (16/ 360 - 361) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام