فهرس الكتاب
الصفحة 2956 من 4009

وقوله تبارك وتعالى: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [الجاثية:34، 35] .

وقوله تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون [الأحقاف:26] .

وقال تعالى: قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66] .

يقول ابن تيمية: نقل عن الشافعي أنه سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى، أنه قال كافر، واستدل بقوله تعالى: قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [1] .

ويقول ابن تيمية عن قوله تعالى: قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر ... [2] .

ب- إن الإيمان بالكتب المنزلة يتضمن الإقرار بها وتصديقها، ولا شك أن إنكارها يناقض هذا الإقرار والتصديق، فإنكار الكتب المنزلة يناقض قول القلب وهو التصديق، كما يناقض قول اللسان وهو الإقرار.

والإيمان بالكتب المنزلة يتضمن أيضاً وجوب تعظيمها وإجلالها وإكرامها، وإن الاستهزاء بها لا يجتمع مع هذا التعظيم والإجلال، فهو مناقض لعمل القلب، كما أنه يناقض الإيمان الظاهر باللسان.

جـ- إن إنكار الكتب السماوية يتضمن إنكاراً لصفة الكلام الإلهي، ونفي هذه الصفة من الإلحاد في أسماء الله تعالى، وسوء الظن بالله تعالى، وعدم قدر الله تعالى حق قدره.

كما أن هذا الإنكار طعن في الرسل عليهم السلام وتنقص لهم، ... وأن الطعن في الرسل عليهم السلام وسبّهم من نواقض الإيمان.

كما أن هذا الإنكار والاستهزاء هو إنكار واستهزاء بشرائع الدين وأحكامه الإلهية المتلقاة من هذا الوحي، والاستهزاء بالدين كفر [3] ؛ لأن أصل الدين قائم على التعظيم [4] .

د- روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( المراء في القرآن كفر ) ) [5] .

ومما قاله الخطابي في بيان هذا الحديث: اختلف الناس في تأويله. فقال بعضهم: معنى المراء هنا: الشك فيه، كقوله تعالى فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ [هود:17] أي: في شك، ويقال: بل المراء هو الجدال المشكك فيه.

(1) (( الصارم المسلول ) ) (ص513) .

(2) (( الصارم المسلول ) ) (ص31) ، وانظر: (( المحلى ) )لابن حزم (13/ 500) .

(3) انظر: (( تفسير الرازي ) ) (16/ 124) .

(4) انظر: (( تفسير السعدي ) ) (3/ 259) .

(5) رواه أبو داود (4603) ، وأحمد (2/ 300) (7976) . والحديث سكت عنه أبو داود. وحسنه ابن القيم في (( تهذيب السنن ) ) (12/ 353) ، وابن حجر في (( هداية الرواة ) ) (1/ 159) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وقال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (7/ 154) : رواه كله أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وقال أحمد شاكر في (( المسند ) ) (15/ 146) : إسناده صحيح. وقال الألباني في (( صحيح سنن أبي داود ) ): حسن صحيح.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام