واستدل علي بن أبي طالب بقوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر: 38] . على أن أطفال المؤمنين في الجنة، لأنهم لم يكتسبوا فيرتهنوا بكسبهم. وقد عقد البخاري في (صحيحه) باباً عنون له بقوله: (باب فضل من مات له ولد فاحتسب) . وساق فيه حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (( ما من الناس مسلم يتوفي له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ) ) [1] . وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا يوماً، فوعظهن، وقال: (( أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار. قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان ) ). [2] وعقد باباً آخر عنوانه: (باب ما قيل في أولاد المشركين) وساق فيه حديث أنس السابق، وحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم: (( من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجاباً من النار أو دخل الجنة ) ). [3] وحديث البراء رضي الله عنه قال: لما توفى إبراهيم عليه السلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( إنّ له مرضعاً في الجنة ) ). [4] ووجه الدلالة في الأحاديث التي ساقها البخاري على أن أطفال المؤمنين في الجنة - كما يقول - ابن حجر: (إن من يكون سبباً في حجب النار عن أبويه أولى بأن يحجب هو. لأنه أصل الرحمة وسببها) . [5] وحديث أبي هريرة عند أحمد في (مسنده) مرفوعاً: (( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وآبائهم بفضل رحمته الجنة ) ). [6] وروى مسلم في (صحيحه) ، وأحمد في (مسنده) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه أو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه، أو قال بيده، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي حتى يدخله الله وإياه الجنة ) ). [7] وروى الإمام أحمد، وابن حبان، والحاكم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ذراري المسلمين في الجنة يكفلهم إبراهيم صلى الله عليه وسلم ) ) [8] وروى أبو نعيم في أخبار أصبهان، والديلمي، وابن عساكر عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أطفال المؤمنين في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يدفعوهم إلى آبائهم يوم القيامة ) ) [9] وقد نقل النووي إجماع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين في الجنة، ونقل عنه أنه توقف بعضهم في ذلك. [10]
(1) رواه البخاري (1248) .
(2) رواه البخاري (1249) .
(3) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1381) . وانظر كلام ابن حجر في (( تغليق التعليق ) ) (2/ 498 - 499) .
(4) رواه البخاري (1382) .
(5) انظر: (( فتح الباري ) ) (3/ 244) .
(6) رواه أحمد (2/ 510) (10630) . قال شعيب الأرناؤوط محققه: صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
(7) رواه مسلم (2635) .
(8) رواه أحمد (2/ 326) (8307) ، وابن حبان (16/ 481) ، والحاكم (2/ 401) كلاهما بلفظ: (ذراري المؤمنين) . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) ) (1467) : إسناده حسن.
(9) رواه أبو نعيم في (( أخبار أصبهان ) ) (8/ 145) بلفظ: (أطفال المسلمين) ، وابن عساكر في (( تاريخ دمشق ) ) (40/ 414) بلفظ مقارب. وقال الألباني في (( السلسلة الصحيحة ) ) (1467) : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير مؤمل بن إسماعيل وهو صدوق سيء الحفظ.
(10) انظر: (( شرح صحيح مسلم ) )للنووي (16/ 183) ..