فهرس الكتاب
الصفحة 2607 من 4009

اعلم هدانا الله وإياك أن الصلاة قد اشتملت على جل أنواع العبادة من الاعتقاد بالقلب والانقياد والإخلاص والمحبة والخشوع والخضوع والمشاهدة والمراقبة والإقبال على الله عز وجل وإسلام الوجه له والصمود والاطراح بين يديه وعلى أقوال اللسان وأعماله من الشهادتين وتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والتقديس والتمجيد والتهليل والتكبير والأدعية والتعوذ والاستغفار والاستغاثة والافتقار إلى الله تعالى والثناء عليه والاعتذار من الذنب إليه والإقرار بالنعم له وسائر أنواع الذكر وعلى عمل الجوارح من الركوع والسجود والقيام والاعتدال والخفض والرفع وغير ذلك هذا مع تضمنته من الشرائط والفضائل منها الطهارة الحسية من الأحداث والأنجاس الحسية والمعنوية من الإشراك والفحشاء والمنكر وسائر الأرجاس وإسباغ الوضوء على المكاره ونقل الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة وغير ذلك مما لم يجتمع في غيرها من العبادات ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ) [1] ولاشتمالها على معاني الإيمان سماها الله إيمانا في قوله تعالى وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة: 143] .

وهي ثانية أركان الإسلام في الفرضية فإنها فرضت في ليلة المعراج بعد عشر من البعثة لم يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها إلى شيء غير التوحيد الذي هو الركن الأول ففرضت خمسين ثم خففها الله عز وجل إلى خمس كما تواترت النصوص بذلك في الصحيحين وغيرهما وهي ثانية في الذكر فما ذكرت شرائع الإسلام في آية من الآيات أو حديث من السنة إلا وبدئ بها بعد التوحيد قبل غيرها كما في الآيات السابقة وكما في حديث جبريل [2] وحديث (( بني الإسلام ) ) [3] وحديث وفد عبد القيس [4] وحديث معاذ بن جبل [5] وحديث (( أمرت أن أقاتل الناس ) ) [6] وغيرها مما لا يحصى.

وهي ثانية في آيات الأمر بالجهاد وفي آيات وعيد الكفار كما في قوله تعالى: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ [التوبة: 5] وقال الله تعالى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات: 46 - 49] .

وهي ثانية في مدح المؤمنين كما قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون: 1 - 2] وفي ذم الكفار بتركها كما في قوله تعالى: فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ [الانشقاق: 20 - 21] وقوله: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة: 31 - 32] وكذا في ذم المنافقين بعدم اهتمامهم لها كما في قوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء: 142] .

(1) رواه النسائي (7/ 61) ، وأحمد (3/ 128) (12315) ، والحاكم (2/ 174) ، والبيهقي (7/ 78) . من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال ابن الملقن في (( البدر المنير ) ) (1/ 501) : إسناده صحيح. وقال الألباني في (( صحيح سنن النسائي ) ): حسن صحيح.

(2) رواه مسلم (8) .

(3) رواه البخاري (8) ، ومسلم (16) .

(4) رواه البخاري (53) ، ومسلم (17) . من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(5) رواه البخاري (128) . من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.

(6) رواه البخاري (25) ، ومسلم (22) . من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام