أما شرابهم فهو الحميم، قال تعالى: وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ [محمد: 15] ، وقال: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنا أَعْتَدْنَا لِلظالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا [الكهف: 29] ، وقال: وَيُسْقَى مِن ماء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ [إبراهيم:16 - 17] ، وقال: هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَساقٌ [ص: 57] .
وقد ذكرت هذه الآيات أربعة أنواع من شراب أهل النار:
الأول: الحميم، وهو الماء الحار الذي تناهي حره، كما قال تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: 44] ، والـ (آن) : هو الذي انتهى حره، وقال: تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ [الغاشية:5] ، وهي التي انتهى حرها فليس بعدها حر.
النوع الثاني: الغساق ...
النوع الثالث: الصديد، وهو ما يسيل من لحم الكافر وجلده، وفي (صحيح مسلم) عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إن على الله عهداً لمن شرب المسكرات ليسقيه طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار ) ) [1] .
الرابع: المهل وقال ابن عباس: في تفسير المهل: (( غليظ كدردي الزيت ) ) [2] . الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر- ص87
وأما لباس أهل النار فقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى أنه يُفصّل لأهل النار حلل من النار، كما قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ [الحج: 19] . وكان إبراهيم التيمي إذا تلا هذه الآية يقول: سبحان من خلق من النار ثياباً. وقال تعالى: وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النارُ [إبراهيم: 48 - 49] . والقطران: هو النحاس المذاب. وفي (صحيح مسلم) عن أبي مالك الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) ). [3] وخرجه ابن ماجه ولفظه: (( النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثياباً من قطران ودرعاً من جرب ) ) [4] . الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر- ص91
(1) رواه مسلم (2002) .
(2) رواه الطبري في (( تفسيره ) ) (22/ 44) .
(3) رواه مسلم (934) .
(4) رواه ابن ماجه (1581) . بلفظ: (ودرعاً من لهب) بدلاً من (ودرعا من جرب) . قال البوصيري في (( مصباح الزجاجة ) ) (2/ 45) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. وقال الألباني في (( صحيح سنن ابن ماجه ) ): صحيح.