وقد خرج هذا المعنى في الحديث الذي رواه ابن المبارك عن فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن أهل الجنة ليتراءون في الغرف كما يرى الكوكب الشرقي والكوكب الغربي في الأفق في تفاضل الدرجات. قالوا: يا رسول الله أولئك النبيون قال: بلى والذي نفسي بيده وأقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) ) [1] . قال: وهذا على شرط البخاري أيضاً.
وفي المسند عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي والغربي فيقال: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله عز وجل ) ) [2] .
وفي المسند من حديث أبي سعيد أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الجنة مائة درجة ولو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن وسعتهم ) )وفيه عنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد. فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه ) ) [3] .
قال المحقق: وهذا صريح في أن درج الجنة تزيد على مائة.
وأما حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: (( أن الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ) ) [4] .
فالجواب عنه: أنه يحتمل أن تكون هذه المائة درجة من جملة الدرج أو تكون نهايتها هذه المائة، وفي ضمن كل درجة درج دونها.
... والثاني أوجه؛ لأن لفظ حديث البخاري معرفة الطرفين فيفيد الحصر على رأي البيانيين، وإن استوجه المحقق الأول، واستدل له بما خرجه الترمذي عن معاذ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: (( من صلى هؤلاء الصلوات الخمس، وصام شهر رمضان كان حقاً على الله أن يغفر له هاجر أو قعد حيث ولدته أمه. قلت: يا رسول الله ألا أخرج فأؤذن الناس؟ قال: ذر الناس يعملون, فإن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين منهما مثل ما بين السماء والأرض، وأعلى درجة منها الفردوس، وعليها يكون العرش، وهي أوسط شيء في الجنة، ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ) ) [5] فرواه بلفظة (في) .
(1) رواه ابن المبارك في مسنده (116) .
(2) رواه أحمد (3/ 87) (11847) . قال الهيثمي في (( مجمع الزوائد ) ) (10/ 425) : رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده السيوطي في (( البدور السافرة ) ) (404) .
(3) رواه أحمد (3/ 29) (11254) . ورواه الترمذي (2532) ، وأبو يعلى (2/ 530) (1398) . قال الترمذي: غريب، وضعفه الألباني في (( ضعيف سنن الترمذي ) ).
(4) رواه البخاري (7423) .
(5) رواه الترمذي (2530) ، وابن ماجه (3512) ، وأحمد (5/ 240) (22140) . والحديث صححه الألباني في (( صحيح سنن الترمذي ) )، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: حديث صحيح وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح غير أنه منقطع.