فهرس الكتاب
الصفحة 1907 من 4009

وقال رحمه الله تعالى حدَّثنا قتيبة بن سعيد حدَّثنا إسماعيل بن جعفر عن عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يومَ القيامة؟ فقال (( لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحدٌ أوَّل منك، لما رأيتُ من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يومَ القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ) ) [1] .

وهذه الشفاعة الثالثة قد فسّر بها المقام المحمود أيضاً كما في حديث أنس وحديث جابر رضي الله عنهما فيكون المقام المحمود عامّاً لجميع الشفاعات التي أوتيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لكن جمهور المفسرين فسروه بالشَّفاعتين الأوليين لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بهما دون غيره من عباد الله المكرمين، وأمَّا هذه الشفاعة الثالثة فهي وإن كانت من المقام المحمود الذي وعده فليست خاصة به صلى الله عليه وسلم بل يؤتاها كثيرٌ من عباد الله المخلصين ولكن هو صلى الله عليه وسلم المقدم فيها، ولم يشفع أحد من خلق الله تعالى في مثل ما يشفع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدانيه في ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، ثم بعده يشفع من أذن اللهُ تعالى له من الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين وسائر أولياء الله تعالى من المؤمنين المتقين، ويشفع الأفراطُ كل منهم يكرمه الله تعالى على قدر ما هو له أهل، ثم يخرج الله تعالى من النار برحمته أقواماً بدون شفاعة الشافعين، ولذا قلنا في ذلك:

وَبَعْدَهُ يَشْفَعُ كُلُّ مُرْسَلِ ... وَكُلُّ عَبْدٍ ذِي صَلاَحٍ وَوَلِي

وَيُخْرِجُ اللهُ مِنَ النِّيْرَانِ ... جَمِيْعَ مَنْ مَاتَ عَلَى الإِيْمَانِ

فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ يُطْرحُونَا ... فَحْماً فَيَحْيَونَ وَيَنْبُتُونَا

كَأَنَّمَا يَنْبُتُ فِي هَيْئَاتِهِ ... حَبُّ حَمِيْلِ السَّيْلِ فِي حَافَاتِهِ

تقدم في حديث أبي هريرة المتفق عليه في طريق الرؤية قول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم (( حتَّى إذا فرغ الله تعالى من فصل القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يُخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً ممن أراد الله تعالى أن يرحمه ممَّن يشهد أن لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود، حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون تحته كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ويبقى رجلٌ مقبلٌ بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولاً الجنة ) ) [2] . الحديث تقدم بطوله.

(1) رواه البخاري (99) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بزيادة (( أو نفسه ) ).

(2) رواه البخاري (7437) ومسلم (182) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام