الأنبياء إنما هم بشر كسائر البشر يحصل لهم ما يحصل للبشر فيمرضون ويجوعون وينسون ونحو ذلك، قال تعالى: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [إبراهيم: 11] وقال تعالى عن أيوب عليه السلام: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [ص: 14] ، وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83] .
وأخبر الله عز وجل أن للأنبياء أزواجاً وذرية كما قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرعد: 38] بل إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ [الفرقان:20] ، وأخبر الله عز وجل عن آدم عليه السلام أنه نسي، فقال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115] ، وقال تعالى عن موسى عليه السلام وغلامه فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا [الكهف: 61] ، فكل هذه الصفات تبين بشرية الأنبياء، وأنهم يجوز عليهم ما يجوز على سائر البشر، وإنما يوحى إليهم كما قال تعالى على لسان نبيه: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف: 110] ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إنما أنا بشر مثلكم أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون ) ) [1] . المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين - ص: 777
(1) رواه مسلم (572) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.